Copyright © Jblo9 BloG
Design by Jblo9

Rechercher

الأحد، 25 مارس 2012

جريح الثورة وليد الكسراوي يخشى بتر ساقه

إلى حدود يوم 23 مارس 2012 و حالة وليد الصحيّة لم تتحسّن بعد حتّى العمليّة التي أجراها على قصبة ساقه أواخر
نوفمبر لم تأت أكلها. بعد أربعة أشهر من وضع تطعيم لتثبيت العظم أصبح الأطبّاء يشكّكون في قدرة ساق وليد على التعافي. عند آخر زيارة للطّبيب منذ بضعة أيّام حدّد هذا الأخير موعدا مع وليد بعد ثلاثة أشهر حتّى إذا ما لم تتحسّن حالة ساقه، وجب التدخّل جراحيّا و يخشى وليد حينها أن يقع بترها خاصّة و أنّ الأطبّاء لا يستبعدون هذا الإجراء كآخر حلّ.


يقول وليد بلسانه :"لو وقع بترها منذ الوهلة الأولى لكنت قد نسيتها و إنتهى الأمر لكن بعد مضيّ 15 شهرا من الألم و المعاناة و الصّبر و الأمل أقول أصبح من الصّعب عليّ أن أخسر ساقي" و يضيف " الأطبّاء كلّهم تضامنوا معي و قالوا لي بأنّ حالتي خطيرة لكن لو أجريت عمليّة في الخارج فنسبة النّجاح ستكون كبيرة و نصحوني بأنّ لا أضيّع أيّ فرصة من هذا القبيل. لكن مع الإزدحام الذي تعرفه قوائم اللّجان الطبيّة للتّداوي بالخارج، فإنّه لا أمل لي في الحصول على مكان فيها.





ليست قصبة السّاق وحدها هي التي في خطر. فجزء من الرّكبة أيضا يستوجب تدخّلا جراحيّا لكن الأطبّاء خيّروا تقديم القصبة على الرّكبة. مفصل القدم أيضا مصاب و يخشى وليد أن يكون هناك كسر كلّي للمفصل أضف إلى ذلك عصب الإصبع الأكبر لنفس القدم الذي تقريبا مات ولم يعد يتحكّم من جرّائه في إصبعه.


بعد أن سدّت الأبواب في وجه وليد، أصبح لديه خوف من أن يواجه لوحده الحلّ القاسي ألا وهو بتر رجله. حالته الإجتماعية لم تسعفه أيضا. فهو بالكاد يستطيع أن يجد ما يسدّ رمقه في حين أنّه يحتاج لغذاء غنيّ بالبروتينات حتّى يلتئم جرحه.


إنّ جمعيّة نسيتني ترى أنّ وليد يجب أن يتداوى في الخارج في أقرب وقت و تدعو السيّد وزير حقوق الإنسان و العدالة الإنتقاليّة إلى عدم تكتيف الأيدي أمام جريح ثورة مهدّد بفقدان رجله. كما أنّ الضّغط الشعبي على اللّجان الطبيّة واجب حتّى يجد وليد له مكانا للتدّاوي و تعمل جمعيّة نسيتني بالمناسبة مع نشطاء مجتمع مدني آخرين في هذا الإتّجاه.

في الأثناء لا يجب إنتظار تدخّل الحكومة، نحن مطالبون أيضا بالتّضامن مع وليد و مآزرته ماديّا و معنويّا. فلنقم بشيء لأجله و أبسط شيء هو أن ننشر حالته فيما بيننا عسى أن يعطف عليه الكرام و يكون فرجه قريب.

يمكن أخذ مزيد من التّفاصيل عبر مراسلتنا على عنوان البريد الإلكتروني:nsitni.tunisie@gmail.com

يمكنكم أيضا الإتّصال بوليد مباشرة على الرّقم:24046080



هذه قصّة وليد بعد الحوار الذّي أجريناه معه قبل بضعة أيّام من العمليّة الأولى على القصبة في 11 نوفمبر 2011:



"أنا صبور منذ صغري و قليلا ما أشتكي. مهما كانت الصّعوبات التّي تواجهني فإنّي أصمد أمامها و أحمد الله عليها...لكن اليوم لم تعد هناك إستطاعة ووجب أن أتكلّم...لم أعد أتحمّل دموع أمّي عندما تنظر إليّ أو أشاهد حالة اليأس التّي أصابت والدي...وجب أن أتكلّم على الأقلّ من أجلهم".

من هو وليد الكسراوي؟
سمعت إسمه عديد المرّات من دون أن أتمكّن من رسم ملامح وجهه. طبعا كنت أعلم أنّه من بين الشّجعان أبطال الثّورة و كنت أعلم أنّه رغم ذلك لم يتحصّل على الرّعاية الطبيّة المناسبة. مع أنّه معروف بهدوئه و تحفّظه إلاّ أنّني دهشت لجرأته لإطلاعي على تفاصيل معاناته مع أنّني لم أكن لأطلب ذلك و لكن حجم المأساة دفعه دفعا. من خلال كاميرا واب إطّلعت على هول قصّته و على إبتسامة على الوجه لا يمكن نسيانها. إليكم رابط الفيديو للحوار الذي أجريته معه يومها:



وليد يسكن بمنطقة الكرم الغربي وهي عبارة عن منطقة أشباح لولا نبظ قلوب رجالها و نسائها الذين كان لهم باع في الثّورة. يوم 13 جانفي حوالي الخامسة مساء خرج وليد مع مجموعة من الشبّان ليخوضوا الملحمة و يعيدوا كتابة التّاريخ. المواجهات كانت عنيفة: الرّصاص كان ينهمر من كلّ جانب و الغاز المسيل للدّموع ملأ الفضاء في غضون ساعات. في حدود السّابعة مساء بينما وليد يركض ليحتمي بمنزله أصابته رصاصة في رجله. بالكاد إستطاع أن يلمح زيّ الشّرطيّ الذّي كاد يعدّ سلاحه لإطلاق الرّصاصة القاتلة حتّى سحبته أيادي نحو المأمن. لقد قسمت الرّصاصة القصبة و لولا تدخّل الأطبّاء لبترت رجله في الحين.


عند وصوله للمستشفى العسكري كان في غيبوبة و ظلّ في غرفة الإنعاش مدّة أربعة أيّام. بعد أن أنقذت رجله جزئيّا، ترك وليد يواجه مصيره وحده دون أن يتابع حالته أحد. دخل وليد و جرحى آخرون في إضراب جوع بمساهمة فريق نواة لإسماع صوتهم و قد تعهّد المستشفى العسكري على إثرها بإعادة النّظر في حالاتهم. أجريت عمليّة جراحيّة لوليد حيث وقع زراعة عظم من الحوض في المكان المصاب من القصبة حتّى لا يفقد رجله. العمليّة كانت خطيرة و نسبة نجاحها ضئيلة جدّا لكن وليد حافظ على الأمل بأن تعود رجله كما كانت.

منذ 13 جانفي حياة وليد تغيّرت. قبل ذلك التاريخ كان يدرس و يعمل في آن واحد ليساعد والده ذلك العامل اليوميّ ذو الأمراض المزمنة الذي بالكاد يعمل ليومين متتاليين. في سنّ السّادسة عشرة قرّر وليد أن يترك الدّراسة و يتفرّغ للعمل حتّى يوفّر ما يحتاجه أخوه الأصغر ليكمل دراسته. بعد سنوات إنقطاع، نجح وليد في الحصول على ترسيم في أحد المعاهد الثّانويّة ليكمل تعليمه دون أن ينقطع عن العمل.

سنة 2011 كانت سنة البكالوريا بالنسبة إليه لكنّه إضطرّ لتركها نظرا لظروفه الماديّة. جاهد نفسه رغم جراحه في التحوّل مرّات للسّوق ليكسب ما أمكن لمساعدة العائلة لكن الآلام كانت تلازمه زد على ذلك ثقل الهيكل الحديدي الذي ثبّت في رجله و الذي كان يعيق حركته. إلتحق الأخ الأصغر بوليد بأن ترك صفوف الجامعة إذ لم يعد يقدر على تغطية كلفة لوازم الدّراسة بل و حتّى كلفة التنقّل للجامعة. حسب ماأطلعنا وليد، يعيش هو و أسرته بمبلغ أقلّ من 10 دنانير يوميّا بالكاد يغطّي إحتياجات عائلة من خمسة أفراد. أمّا مرتّب والده فهو يذهب في سداد فواتير الماء و الكهرباء و سداد الدّيون المتفاقمه لأسرته. حتّى وسائل تدفئة لا يملكونها و يدفعون ثمن الكهرباء دون أن يستفيدوا منها نظرا لوجود تسرّب في الأسلاك.


رغم كلّ هذا، لا تكاد الإبتسامة تغادر محيّا وليد. إبتسامة عفويّة تعبّر عن حياة مليئة بالتضحيات و الجهد و العطاء بالرّغم من سنّه الذي لا يتعدّى الثّلاثة و العشرون ربيعا...



مواضيع ذات صلة: 

الكرم لحد بن علي: ملحمة 12 و 13 جانفي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق