Copyright © Jblo9 BloG
Design by Jblo9

Rechercher

الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

الكرم لحد بن علي: ملحمة 12 و 13 جانفي

عام مضى، الثورة التونسية تطفئ شمعتها الأولى. في هذه الذكرى الأولى دعونا نعود بالأحداث إلى الوراء. فمع تسارع الأحداث و الصدمة التي عاشها الشارع التونسي بعد فرار المخلوع في زمن قياسي، لم يتمكن الشعب التونسي من استيعاب إنجازه. كما أنه إلى يومنا هذا لم ينل كل ذي حق حقه.

الإنطلاقة كانت من بوزيد مهد الثورة، عندما أشعل محمد البوعزيزي النار في جسد الثورة. و ما لم يعرفه حينها أنه يشعل فتيل ثورة ستسقط لاحقا كراسي الطواغيت الجاثمين على قلوب شعوبهم و المتمعشين من دمائهم. فكانت الثورة، شهيد فشهيد كان الشباب وقودها، فواجهوا بكل بسالة الرصاص بصدور عارية و بالحجارة، اقتداء بأطفال الحجارة في فلسطين. أعلن الشباب التونسي انتفاضته الأولى على الطغيان. فكان العنوان الأول الكرامة و الحرية.

مجازر الرقاب و تالة و القصرين أججت نار الثورة التي امتدت لبقية ولايات تونس. فكانت ولاية وراء أخرى تنتفض ضد نظام السابع من نوفمبر. فكانت قفصة و جندوبة و الكاف و قابس و تطاوين و جرجيس و جربة و باجة و بقية المناطق الداخلية. لتمتد الإحتجاجات إلى الولايات الكبرى فكانت سوسة و صفاقس و نابل. إلى أن بلغت الإحتجاجات تونس يوم 10 جانفي 2011.

كانت أكثر المناطق احتقانا في العاصمة حي الإنطلاقة و حي التضامن و الأحياء الشعبية و لكن المنطقة التي كانت أكثر تحديا هي منطقة الكرم بالضاحية الشمالية للعاصمة. أين كان التحدي؟ التحدي يكمن في أن مدينة الكرم لا تبعد إلا ثلاث كيلومترات على القصر الرئاسي.
Agrandir le plan
و للتاريخ سأسرد لكم ما حصل في الكرم حتى نعطي هذه المنطقة النصيب الذي تستحقه، فلقد كان دورها محوريا في زعزعة نظام بن علي.

التعزيزات الأمنية في المنطقة كانت منذ يوم 8 جانفي 2011 ظاهرة لكل السكان، و حتى نشاط البوليس السياسي و أزلام التجمع كان مفظوحا. و هذا لأنهم كانوا يعلمون مدى حساسية مدينة الكرم خاصة و إنها من أكثر المناطق التي عانى أبناؤها من الترحيل و السجن و التعذيب. على الرغم من كل تلك التضييقات تشكلت مجموعة من الشباب الذي عقد العزم على الخروج عن الصمت. فكان يوم 12 جانفي 2011 عندما تم الإعلان عن حضر للتجول. فكانت ساعة الصفر السابعة مساء عند إنطلق حضر التجول. خرج شباب الكرم كاسرين لحضر التجول، و أعلنوها بأعلى صوت "تونس تونس حرة حرة و بن علي على بره". نعم كان الشعار وليد اللحظة و كان يصدح الجدران، يدك أركان نظام بن علي. كان ذلك كالكابوس على بن علي الذي قال علي السرياطي أنه لم ينم منذ تلك الليلة و إلى أن غادر البلاد فارًا. فأمر المخلوع زبانيته من مجرمي الداخلية بأن يقوم بإسكات الأصوات التي أصبحت أقرب من أي وقت مضى. فكانت الليلة الأولى من المواجهات التي دارت حول مركز شرطة منطقة 5 ديسمبر بالكرم الغربي. 



اليوم الأول كانت حصيلته 3 جرحى. الكرم كأنها لم تنام، يوم 13 جانفي 2011 المواجهات تنطلق مبكرا منذ قرابة الرابعة بعد الزوال. اليوم أحسست و أنا بينهم كأن أيام بن علي أصبحت معدودة. فقد كانت المعادلة عند كل الشباب "إما نحن و إما بن علي". معادلة صعبة ففي الكفة حياة و في الكفة الأخرى موت. تلك الليلة ما شاهدت فيها تعزيزات أمنية أكبر من التي شاهدتها في الكرم. كأن بن علي قبل التحدي و أعد عدته ليحصد الأرواح من أجل كرسيه. هذا مالتقطته عدست هاتفي، هي مشاهد نادرة أمام رصاص بن علي. و لكنها ثمينة للتاريخ.



قام الشباب ليلتها بمحاصرة مركز شرطة 5 ديسمبر و هو يقع في مفترق طرق بين 5 ديسمبر و صلامبو و منطقة سيدي عمر و شارع المنصف باي. و كان الشباب يواجهون قوات القمع من الجهات الأربع. كانت حصيلة ذلك اليوم في الكرم دامية، 9 شهداء و 40 جريح. في نفس تلك اللحظات التي شاهدتم منها لمحات، كان فيلم السيارات المأجورة و وعود بن علي الكاذبة تبث على شاشات القنوات البنفسجية. هذا ما سجله أحد الأصدقاء من مستشفى خير الدين الجهوي.




الصورة تتحدث، فما حصل في الكرم ليلة 13 جانفي 2011 ما كان أقل بشاعة مما حصل في الرقاب و تالة و بقية المناطق. تلك الليلة كانت مفصلية، شباب الكرم مر إلى التصعيد. الكثير منكم لا يعلم أن نية شباب الكرم تلك الليلة كانت الزحف إلى قصر الرئاسة اليوم الذي يليه. و ربما كانت نهاية بن علي تكون على أيديهم لولا فراره.


صبيحة يوم 14 جانفي كانت بعنوان "مأتم في كل شارع" لكنها في نفس الوقت كانت يوم فرح لمنطقة الكرم التي عرفت إنسحاب لسفاحي الداخلية. معلنة بطريقة غير مباشرة عن انتصار الدم على السيف. و هذا ما أمكنني تصويره يومها.






كانت تلك نهاية بن علي، كل شهيد في تونس كان نداء للشهيد الذي يليه و كل شهيد زف في الكرم كان يوازيه مسمار يدق في نعش بن علي و كرسيه الذي سقط مع زغاريد الأمهات و دموع الحرقة على فقدان الأحباب. كانت تلك نهاية المخلوع، و عرشه الأسطوري الذي زعم الكثير أنه لا يتزعزع. شهادتي كانت رد اعتبار لكل من كان هناك و قال لا للظلم. سواء الأحياء منهم أم الأموات. تحديتم و انتصرتم بدمائكم على الكرسي الذي قيل أنه لا يهزم.

أردت من المقال أن يكون لمسة وفاء لشهداء تونس و لشهداء الكرم. كما أردته تحية للشهداء الأحياء من جرحى الثورة، و رجال الثورة بالكرم و هم الإسم على المسمى. تحية لمن أرعب بن علي و أرق نومه و جعل منه في النهاية هاربا مخلوعا ذليلاً.













بسم الله الرحمان الرحيم
 ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ( 169 ) فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( 170 ) يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين ( 171 ) الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم ( 172 ) الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ( 173 ) 
صدق الله العظيم      














في النهاية، أدعوا الجميع لإحياء الذكرى الأولى لثورة 14 جانفي التي ستكون أيام 13 و 14 جانفي القادم، حتى نعيد معا ذكرى إحياء تلك الملحمة، رحم الله الشهداء و تحيا تونس عصية على الطغاة و الجبابرة.

بقلم: فاروق الإسلام

هناك تعليقان (2):

  1. رحم الله شهداء الكرم و شهداء تونس . يجب ان لا ننسى ابدا ان امانتهم على اعناقنا .

    ردحذف
  2. رحم الله الشهداء الابرار

    ردحذف