Copyright © Jblo9 BloG
Design by Jblo9

Rechercher

الخميس، 3 نوفمبر 2011

اللائكية: حمار ينتحر

لم أجد عنوان للمقال أكثر تعبيرا مما وجدت. بين الغباء السياسي و الإنحطاط الثقافي، يتخبط دعاة اللائكية في تونس. يسمون أنفسهم "النخبة المثقفة" و كأن الثقافة حكر على نخبة دون أخرى، مع العلم أنهم لا يحملون من التسمية شيئا. يختبؤون وراء شعارات رنانة، كاذبة.. حرية التعبير، الديمقراطية، حقوق المرأة، الحداثة و التقدم. سنبدأ نقطة بنقطة لنكشف حقيقة هذا الحمار و سنتحدث بعدها عن طريقته المبتكرة في الإنتحار.

لنستهل حديثنا عن حرية التعبير. قبل كل شيء، فإن تعريف المصطلح في حد ذاته يختلف من مكان إلى آخر. لكن الجميع اتفق في نقطة أن الحريات تقتضي الإلتزام في المقابل بواجبات و تضبط الحريات قوانين، حتى لا يتحول المجتمع إلى غابة.
و هنا نقطة من نقاط الغباء اللائكي، فتحت مسمى حرية التعبير وفي غياب القانون ومؤسساته. قاموا بانتهاكات خطيرة في حق الهوية و الدين. و هي في مجتمعنا ليست مجرد خطوط حمراء كما يقول البعض، بل هي كل ما يملك المجتمع التونسي. فالهوية و الدين من أهم ركائز المجتمع التونسي، حيث أنها كانت الرابط في غياب الدولة. و خطورة إنكسار هذا الرابط بمثابة إلقاء قنبلة نووية. ولهذا كان من الطبيعي أن تلتف جل أطياف المجتمع حتى الغير مسلمة حول هذين العنصرين الجامعين لمكونات المجتمع التونسي. المهم أن الحمار اللائكي بتصرفه الأخرق أصبح يمثل بالنسبة للشعب تيار فكري إنفصالي خارج عن طبيعة المجتمع. و هذا لا يستغرب من هذا الفكر الدخيل بما أنه قادم من فرنسا.
بعد الرفض الذي أبداه المجتمع التونسي لهذا الفكر الدخيل، سارع الحمار اللائكي إلى نعت كل معارضيه بالظلامية و التطرف الديني، و كان ذلك بهدف محاصرة ردة الفعل الشعبية الطبيعية. الآن لنلقي نظرة حول حدود حرية التعبير في بعض الدول الغربية "الظلامية و المتطرفة دينيا" مثل الشعب التونسي:

فرنسا: يمنع القانون الفرنسي أي كتابة أو حديث علني
يؤدي إلى حقد أو كراهية لأسباب عرقية أو دينية ويمنع أيضا تكذيب جرائم الإبادة الجماعية ضد اليهود من قبل النازيين ويمنع أيضا نشر أفكار الكراهية بسبب الميول الجنسية لفرد. وقد أتهم القضاء الفرنسي المفكر الفرنسي رجاء جارودي وكذلك الكاتب الصحفي إبراهيم نافع بتهمة معاداة السامية حسب قانون جيسو. في 10 مارس 2005 منع قاضي فرنسي لوحة دعائية مأخوذة من فكرة لوحة العشاء الأخير للرسام ليوناردو دا فينشي. حيث تم تصميم اللوحات الدعائية لبيت قيغباود لتصميم الملابس وأمر بإزالة جميع اللوحات الإعلانية خلال 3 أيام. حيث أعلن القاضي بأن اللوحات الدعائية مسيئة للروم الكاثوليك. وعلى الرغم من تمسك محامي قيغبادو بأن منع الإعلانات هو نوع من الرقابة وقمع لحرية التعبير، إلا أن القاضي اقر بأن الإعلان كان تدخل مشين وعدواني بمعتقادات الناس الخاصة. وحكم بأن محتوى الإساءة إلى الكاثوليك أكثر من الهدف التجاريِ المقدم.[1]

ألمانيا : في القانون الأساسي الألماني والذي يسمى Grundgesetz ينص البند الخامس على حق حرية الرأي والتعبير، ولكنه يرسم حدوداً مماثلة للقانون الفرنسي تمنع خطابات الكراهية ضد العرق والدين والميول الجنسية إضافة إلى منع استعمال الرموز النازية مثل الصليب المعقوف.

بولندا : لحد هذا اليوم يعتبر الإساءة إلى الكنيسة الكاثوليكية ورئيس الدولة جريمة يعاقب عليها القانون حيث تم الحكم بالسجن لمدة 6 أشهر على الفنان البولندي دوروتا نيزنالسكا Dorota Nieznalska في 18 يوليو 2003 لرسمه صورة العضو الذكري على الصليب وتم غرامة الصحفي جيرزي أوروبان بمبلغ 5000 يورو في 5 يناير 2005 لإساءته لشخص يوحنا بولس الثاني.

كندا : يمنع القانون الكندي خطابات وأفكار الكراهية ضد أي مجموعة دينية أو عرقية وتمنع الأفكار أو الكلام أو الصور التي تعتبر مسيئة أخلاقيا من الناحية الجنسية حسب القوانين الكندية وفي 29 ابريل 2004 وافق البرلمان على قانون يمنع الإساءة لشخص بسبب ميوله الجنسية.

الولايات المتحدة : في الولايات المتحدة وضعت المحكمة العليا مقياسا لما يكن اعتباره إساءة أو خرق لحدود حرية التعبير ويسمى باختبار ميلر Miller test وبدأ العمل به في عام 1973 ويعتمد المقياس على 3 مبادئ رئيسية وهي : عما إذا كان غالبية الأشخاص في المجتمع يرون طريقة التعبير مقبولة وعما إذا كان طريقة إبداء الرأي يعارض القوانين الجنائية للولاية وعما إذا كانت طريقة عرض الرأي يتحلى بصفات فنية أو أدبية جادة. ومن الجدير بالذكر أن إنكار حدوث إبادة جماعية لليهود لا يعتبر عملا جنائيا في الولايات المتحدة ولهذا تتخذ معظم مجموعات النازيون الجدد من الولايات المتحدة مركزا إعلامياً لها. وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 صُدّق في الولايات المتحدة على قانون يعرف بـ PATRIOT Act الذي يمنح الأجهزة الأمنية صلاحيات واسعة تمكنها من القيام بأعمال تنصت ومراقبة وتفتيش دون اللجوء إلى التسلسل القضائي الذي كان متبعا قبل 11 سبتمبر 2001.
بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 صدق في الولايات المتحدة على قانون يعرف بـ PATRIOT Act الذي منح الأجهزة الأمنية صلاحيات واسعة تمكنها من القيام بأعمال تنصت ومراقبة وتفتيش دون اللجوء إلى التسلسل القضائي الذي كان متبعا قبل 11 سبتمبر 2001. ومع بدأ الولايات المتحدة حملاتها العسكرية على كل من أفغانستان والعراق فيما يعرف بالحرب على الإرهاب وتعرض مقرات بعض القنوات الإخبارية والصحافيين العاملين بها لاعتداءات متكررة من قبل القوات الأمريكية بدأت تظهر مزاعم حول تعمد ذلك وخاصة بعد استهداف مقر قناة الجزيرة الإخبارية في أفغانستان عام 2002 وفي بغداد أثناء عملية غزو العراق 2003 والتي أدت إلى مقتل مراسل الجزيرة في بغداد طارق أيوب وساعد في تأكيد ذلك نشر صحيفة الديلي ميرور البريطانية في نوفمبر 2005 وثائق سرية اشتهرت باسم وثيقة قصف الجزيرة مفادها أن الرئيس الأمريكي جورج و. بوش كان يرغب بقصف المركز الرئيسي لقناة الجزيرة في قطر وقد نفى متحدث البيت الأبيض هذه الإتهامات.

أستراليا : في فبراير 1996 تم الحكم على السياسي الماركسي ألبرت لانغر Albert Langer بالسجن لمدة 10 أسابيع لتحريضه الناخبين على كتابة أرقام أخرى لم تكن موجودة ضمن الخيارات في ورقة الاقتراع، وذلك لإظهار الاحتجاج على الحزبين الرئيسين المتنافسين. وقد اعتبر هذا مخالفا لقوانين الانتخابات في أستراليا.
في بلجيكا منعت السلطات المحلية لمدينة Middelkerke في 6 فبراير 2006 الفنان ديفد سيرني David Cerny من عرض تمثال للرئيس العراقي السابق صدام حسين في أحد المعارض الفنية. ويظهر التمثال صدام حسين على هيئة سمكة قرش ويده مكبلةٌ بالأغلال من الخلف في حوض من الفورمالين. واعتبرت السلطات هذا العمل الفني مثيرا للجدل وقد يسبب احتجاجات من الأطراف المؤيدة للرئيس العراقي السابق.
الدول الأفريقية : هناك العديد من الدول الأفريقية التي تنص دساتيرها على حق حرية التعبير، ولكنها لا تطبق على أرض الواقع بنظر المراقبين الدوليين لحقوق الإنسان الذين أشاروا إلى خروق واضحة لحق المواطن في التعبير عن رأيه بحرية في كينيا وغانا. ويعتبر البعض إريتريا في مقدمة الدول في اعتقالها للصحفيين. وهناك رقابة حكومية على وسائل الأعلام في السودان وليبيا وغينيا الاستوائية بينما تظهر بوادر تحسن في حقوق الحرية في الرأي في تشاد والكاميرون والغابون.

الدول الآسيوية : هناك العديد من الدول الاسيوية التي تنص دساتيرها على حق حرية التعبير، ولكنها لا تطبق على أرض الواقع بنظر المراقبين الدوليين لحقوق الإنسان الذين أشاروا إلى خروق واضحة لحق المواطن في التعبير عن رأيه بحرية في فيتنام وميانمار وكوريا الشمالية. وأشارت تقارير المراقبين إِلى أن هناك تحسناً في مجال حرية التعبير في الصين مقارنة بالسابق، إلا أن الحكومة في الصين لا تزال تراقب وسائل الأعلام وتمنع مواطنيها من الدخول إلى العديد من مواقع الإنترنت بما فيها موسوعة ويكيبيديا [2].

الهند : في 26 سبتمبر 1988 أصدرت السلطات القضائية الهندية قرارا بمنع سلمان رشدي من دخول الهند عقب نشره لروايته المثيرة للجدل [آيات شيطانية] التي اعتبرها المسلمون إهانة للدين الإسلامي. وقد احتوى أحد فصول الرواية على شخصية كانت اسمها ماهوند اعتبرها المسلمون محاولة من سلمان رشدي للإساءة إلى شخص رسول الإسلام وزوجاته حيث ورد ذكر دار للدعارة في مدينة الجاهلية والتي يقصد سلمان رشدي بها مدينة مكة وكان في دار الدعارة هذه 12 امرأة وكانت أَسماؤهن مطابقة لأسماء زوجات الرسول محمد. وفي الكتاب أيضا وصف تفصيلي للعمليات الجنسية الذي قام بها ماهوند.

و الكل يعرف الحادثة الأخيرة في كوريا الجنوبية و كيف قامت السلطات بتغريم برنامج تلفزي مبلغا ماليا ضخما بعد حكم قضائي بسبب عرض برنامج فكاهي يرتدي فيه أحد الممثلين اللباس الخليجي..

وهنا كلمة للحمار اللائكي التونسي، قبل الحديث عن حرية التعبير إعرف حدودك. فمن حق الشعب أن يتجاوز حدوده إن أنت تجاوزت حدودك. ففي غياب القانون و الدولة، مبدأ المعاملة بالمثل هو الذي يحكم، و تحكم الأخلاق العامة للشعب، لا الأخلاق التي تريدها أنت.

لننتقل الآن إلى الديمقراطية، و هي من أخطر الأوراق التي يلعبها الحمار اللائكي. شعار رفعته كل الأحزاب اللائكية طيلة الحملة الإنتخابية. الديمقراطية تعريفا هي الحكم للشعب. من أهم أسسها أن الدولة الديمقراطية تقوم على الإنتخاب و دولة القانون التي تسهر على ضبطها مؤسسات و الفصل بين السلط...
أولا، من المضحك أن تسمع هذا الشعار من حزب هو نفسه لا يحترم القانون. قانون منع الإستشهار الذي قامت الأحزاب اللائكية بانتهاكه، و يوم الصمت الإنتخابي الذي صمت فيه الجميع و تكلم فيه الحمار اللائكي و حتى يوم الإنتخاب لم يلبث الحمار اللائكي يعكر صفو الفرحة التي كان تشهدها تونس و العالم بأول إنتخابات عربية نزيهة.
ثانيا، بعد الإنتخابات و فشل الحمار اللائكي في الوصول إلى السلطة على الرغم من الأموال الطائلة التي صرفت و كل التجاوزات التي أدركها الشعب. مر الحمار اللائكي إلى الخطوة الثانية وهي ما تعرف في تونس بـ "نلعب و إلا نحرم". فخرج الحمار اللائكي إلى وسائل الإعلام الغربية لينهق بالخطر الإسلامي الذي يحدق بتونس و ليكذب على العالم بل و بلغ بهم الأمر دعوة أسيادهم و مبتدعي فكرهم إلى التدخل في سيادة الدولة التونسية بتعلة التاريخ الإستعماري الفرنسي و هي دعوة صريحة للوصاية الفرنسية على الدولة التونسية. كل شيء يهون من أجل الكرسي، حتى و لو كان الثمن الإستعمار، هكذا يفكر أو يظن الحمار اللائكي.
نصيحتي للحمار اللائكي فيما يخص الديمقراطية، لو كنت حقا ديمقراطي لاحترمت إرادة الشعب و لما سارعت في التشكيك في انتخابات شهد العالم بنزاهتها. بل أنك حتى لا تستحق حمل جنسية هذا الوطن، لأنك يا حمار اللائكية تدعوا إلى استعمار تونس بكل وقاحة. أقول لك أنك واهم، فلهذا الوطن أسود ستذود عنه.

ننتقل الآن إلى الخدعة الثالثة، حمار اللائكية من أكبر المدافعين عن المرأة. على الرغم من أن المرأة التونسية قادرة على الدفاع عن حقوقها و لا تحتاج وصاية من أحد. في نفس الوقت فالحمار اللائكي من أكبر المعارضين لحق المرأة في ممارسة معتقداتها. تناقض ما بعده تناقض. الحمار اللائكي أيضا يدعي أن الإسلاميين يجبرون النساء على التدين. هذا ما بحثت عنه في كل أرجاء تونس و لم أجده. بالله عليكم، أي إمرأة تونسية أجبرها الإسلاميون على التدين فلتترك تعليقا هنا و أنا مستعد للإتصال بها و نشر شهادتها.

الحداثة و التقدم، من يسمع الكلمتين يحال فكره على العلوم و الصناعات المتطورة.. هههه لا تحلم فليست هذه حداثة الحمار اللائكي و لا هذا تقدمه. فللحمار اللائكي حداثة و تقدم يخصانه وحده، فأما الحداثة فهي إسقاط القيم و المبادئ المجتمعية و أما التقدم فهو نشر الفكر الإباحي و الإلحادي اللاديني، وهي النسخة المشوهه المستوردة من فرنسا، التي و على الرغم من ريادتها في الفكر اللائكي مازال مجتمعها في معظمه محافظا. بهذه الطريقة يصبح تعريف الضد "ظلامي و متطرف" فأما الظلامي فهو كل من يعارض إسقاط القيم و المبادئ التي يجتمع عليها التونسييون و أما المتطرف فهو ذاك الذي يرفض فكر الحمار اللائكي الإباحي و الإلحادي اللاديني. 

إذا، فكيف انتحر الحمار اللائكي؟ بالطبع، لم يلقي بنفسه في البئر كما في الصورة..
أترك لك المجال للتفكير في الطريقة التي انتحر بها الحمار اللائكي المتتونس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق