فتح منذ أمس باب الترشح أمام القائمات الانتخابيّة لعضوية المجلس التأسيسي، لكنّ اللافت أنّ عموم المواطنين لا زال يغيب عنهم المفهوم الحقيقي لهذا المجلس الذي ينتظر أن يتقرر في رحابه مستقبل البلاد.
نشأة المفهوم
ظهر مصطلح "المجلس القومي التأسيسي" أول مرة رسميا في تونس بأمر مؤرخ في 29 ديسمبر 1955. وبعد 5 أيام من حصول تونس على استقلالها في 20 مارس 1956 تم انتخاب أعضاء هذا المجلس الذي باشر أعماله بمقره بقصر باردو (المبني القديم لمجلس الأمة فيما بعد) يوم 9 أفريل 1956 وعمل طيلة عام و10 اشهر في وضع دستور البلاد الذي أعلن عنه في 1 جوان 1959.
وتنطلق فكرة بعث مجلس تأسيسي من إرادة إرساء دستور للبلاد يكون الأساس لبعث القواعد القانونية التي تفتح المجال لإنشاء دولة القانون.
أما المجلس الوطني التأسيسي موضوع الساعة فهو مجلس سيتكن من 217 عضوا ينتخبهم التونسيون الذين سجلوا للانتخابات تسجيلا رمز إليه ذلك الإعلان المشهور "وقيت باش تقيّد"، هذه الانتخابات التي ستقام في 23أكتوبر 2011 ليضع هذا المجلس دستورا جديدا للبلاد التونسية.
مطلب شعبي للثورة
من أبرز مهام المجلس الوطن التأسيسي وضع دستور جديد للبلاد بدلا من دستور 1959 الذي شهدت العاصمة من أجل تغييره اعتصاما دام نحو 10 أيام بساحة القصبة تعبيرا عن احتجاج المواطنين وعدم ثقتهم بالحكومة الانتقالية ومطالبتهم بحلها وبإنشاء مجلس تأسيسي.
واستجابة للمطالب الشعبية أعلن رئيس الجمهورية المؤقت فؤاد المبزّع يوم 03 مارس 2011 تعليق العمل بدستور 1959 وحلّ مجلسي النواب والمستشارين المنبثقَين أساسا من الدستور المعلّق والانطلاق في إجراءات انتخاب مجلس وطني تأسيسي.
الترشح لعضوية المجلس
ولدخول هذا المجلس يعدّ كلّ حزب أو من المستقلين قوائم تضم كل قائمة منها عددا من المرشحين يساوي عدد المقاعد المخصصة حسب القانون لكل دائرة انتخابية.
وتمرّ عمليّة الترشح للمجلس بمراحل قبل أن يتمّ القبول النهائي للقائمات إذ يتعيّن تقديم الترشحات مباشرة لدى مكاتب الهيئات الفرعية التابعة للهيئة العليا المستقلة للانتخابات حيث يتمّ قبولها وقتيّا من قبل رئيس الهيئة أو من ينوبه وتتسلّم القائمة وصلا وقتيّا في الغرض.
وتتولى كلّ هيئة فرعية للانتخابات تكليف لجنة منبثقة عنها بدراسة ملفات الترشحات والتثبت من توفر الشروط القانونية فيها، ويقع إشعار رئيس القائمة أو أحد المترشحين المفوَّضين بتدارك الاخلالات إن وجدت بشرط أن لا تتجاوز المدّة الأيام الأربعة الموالية لتاريخ الإيداع وفي كل الحالات لا يمكن تجاوز تاريخ اليوم 7 سبتمبر 2011.
وإثر هذه العملية يقع اختيار الشعارات والرموز المرئية الخاصّة بكلّ قائمة مترشحة فتسند إلى كلّ قائمة منتمية إلى حزب شعار نفس الحزب، ويحق للقائمات المستقلة اختيار الرمز الذي تريده على أن لا يشبه ما يكون لأحد الاحزاب أو القائمات المستقلة الأخرى.
وبعد أن تستوفي القائمة كلّ الشروط القانونية يقع قبولها نهائيّا ويسلّم رئيسها أو أحد المرشحين المفوضين من طرفه وصلا نهائيّا في الغرض وإن لم تسلّم القائمة الوصل النهائي بنهاية الأربعة ايام الموالية لتاريخ الإيداع فإنها تعتبر مرفوضة.
وفي حالة الرفض من حقّ القائمة المرفوضة الطعن في قرار رفض ترسيم قائمة بمقتضى عريضة كتابية يسلمها رئيس القائمة أو من يمثله إلى كتابة المحكمة الابتدائية المختصة ترابيا وذلك في أجل لا يتجاوز الأربعة أيام من تاريخ الرفض، وتبت المحكمة في الطعن خلال خمسة أيام من تاريخ تعهدها بالنظر في القضية.
طريقة انتخاب المجلس
وضبطت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شروط اختيار الشعب لممثليه في المجلس التأسيسي بمقتضى المرسوم عدد 27 لسنة 2011 المؤرخ في 18 أفريل 2011، ويكفل هذا المرسوم أن يمارس الناخب حقّ الاقتراع بواسطة بطاقة التعريف الوطنيّة بالنسبة إلى جميع التونسيّات والتونسيّين البالغين من العمر ثماني عشرة سنة كاملة في اليوم السابق لإجراء الانتخابات بشرط أن يكونوا متمتّعين بحقوقهم المدنيّة والسياسيّة.
وتضبط قائمة الناخبين لكلّ بلدية، ولكلّ معتمدية بخصوص المناطق غير البلدية تحت مراقبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات اعتمادا على المعطيات الواردة في بطاقة التعريف الوطنيّة.
وتتم عملية الاقتراع على مراحل هي التالية:
- يتم التثبت من هوية الناخب.
- يسحب الناخب ورقة التصويت المخصّصة للغرض ويدخل الخلوة وجوبا.
- يكون التصويت بوضع علامة X امام القائمة التي يختارها ولا يجوز للناخب اختيار أكثر من قائمة واحدة أو شطب أو إضافة أية عبارة على ورقة التصويت.
- يمرّ الناخب مباشرة إلى الصندوق لوضع الورقة بنفسه داخل الصندوق بحضور رئيس المكتب أو أحد مساعديه.
- يمضي الناخب أمام اسمه بسجل الاقتراع المعد لذلك بعد الانتهاء من الإدلاء بصوته.
- لكل ناخب دخل القاعة قبل نهاية الاقتراع الحق في ممارسة التصويت.
- يحجر على الناخب إفشاء السر الانتخابي أو الدعاية لقائمة أو لشخص أو لحزب كما يحجر عليه القيام باي سلوك مناف للقانون الانتخابي.
هذا وتتم عملية الفرز علانية إذ يفتح الصندوق بحضور الملاحظين والممثلين أو نوابهم ثمّ يتم التنصيص عن المتغيبين منهم بمحضر عمليات الاقتراع وتحصى أوراق التصويت مقارنة بعدد إمضاءات الناخبين وفي حالة عدم التطابق زيادة أو نقصانا يعاد الإحصاء ويتم التنصيص على ذلك بمحضر جلسة.
وتبعا لهذا تتولى الهيئة الفرعية التحقيق في أسباب عدم التطابق بين عدد الأوراق وعدد المقترعين وتعلم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالأمر وعند الاقتضاء النيابة العمومية كذلك.
نتائج الانتخاب
يضبط مكتب الاقتراع حصيلة الفرز استنادا إلى حصيلة الكشف المحررة من قبل الفارزين واحتساب الأوراق المشكوك فيها بعد البت فيها وتجمع نتائج الاقتراع بالتدرج من مكاتب الفرز إلى مكاتب الجمع انتهاء عند المكاتب المركزية بالدوائر وتودع موثقة لدى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
ثمّ تسجّل نتائج الانتخابات في ثلاثة نظائر بكل مكتب اقتراع مع التنصيص على الأوراق البيضاء والأوراق الملغاة وتسلم إلى مكتب الجمع أو إلى المكتب المركزي ويعلق في كل مكتب اقتراع محضر عمليات الاقتراع ممضى من طرف رئيس المكتب.
وأخيرا لممثلي القوائم والملاحظين حق مراقبة جميع عمليات الفرز واحتساب الاصوات والمطالبة بتضمين ملاحظاتهم واعتراضاتهم الخاصة بمحضر الجلسة قبل التصريح بنتيجة الاقتراع أو بعده.
ويمكن الطعن في النتائج الأولية امام المحكمة الإدارية في أجل 48 ساعة من الإعلان عنها على أن تبت المحكمة فيه في اجل 5 ايام وقرارها بات لا يقبل الطعن باي وجه من الوجوه.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن النية تتجه إلى مراجعة الأجل المخصّص للبت في النتائج وذلك بالزيادة فيه فيصبح عشرة أيام عوضا عن خمسة أيام.
تصرح الهيئة المركزية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات وبعد البت في جميع الطعون في النتائج او بعد انقضاء آجال الطعن إذا لم تقدم اي طعون بالنتائج النهائية للانتخابات وتنشر النتائج بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية وبالموقع الالكتروني للهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق