يعد عقد البيع من أهم العقود وأكثرها انتشارا وممارسة في الحياة البشرية قديما وحديثا، ويقترن بوجود الحياة الاجتماعية بين الناس، فيسهل لهم التعاون في تبادل المنافع والأموال، فإذا كان المال هو عصب الحياة، فإن الإنسان ينفق نسبة كبيرة منه لشراء ضروراته وحاجياته وكمالياته، وهذا الشراء يقتضي أن يكون هناك عقد بيع ولهذه الاهمية أهتم المشرع الحكيم به وفصّل في أحكامه، وكذلك نجد في القوانين الوضعية هذا الاهتمام بعقد البيع فقوانين المعاملات في كل دولة تتناول عقد البيع وتفرد له مواد وفصولاً عديدة لكثرة ما يثور حوله من نزاعات تتطلب الفصل العادل من القضاء.
-تعريفه ومشروعيته (المصدر جريدة الرياض العدد 12950 بتصرف وقد أضفت بعض التوضيحات): ((البيع لغة: يطلق على التمليك والتملك، وفي الشرع: (مبادلة عين مالية ولو في الذمة أو منفعة مباحة بأحدهما على التأييد غير رباً ولا قرض). وهو مشروع في الكتاب والسنة والاجماع قال الله تعالى: {وأحل الله البيع} وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما البيع عن تراض) رواه ابن ماجه في سننه. والبيع هو من عقود المعاوضة التي لابد أن يكون هناك مقابل للمتعاقدين سواء كانت نقوداً، أو عيناً، أو منفعة أو عملاً أو غيرها.
أ- أركان عقد البيع وأنواعه:
أركان عقد البيع أربعة: وهي: العاقدان، والمعقود عليه، والصيغة، وصيغة البيع تكون بألفاظ تدل على الايجاب والقبول أو بما يدل على الرضا وهو المعاطاة وعلى هذا يكون هناك نوعان من عقد البيع:
أ- أركان عقد البيع وأنواعه:
أركان عقد البيع أربعة: وهي: العاقدان، والمعقود عليه، والصيغة، وصيغة البيع تكون بألفاظ تدل على الايجاب والقبول أو بما يدل على الرضا وهو المعاطاة وعلى هذا يكون هناك نوعان من عقد البيع:
1- بيع الإيجاب والقبول:
فالإيجاب مثل أن يقول بعتك أو ملكتك أو أي لفظ يدل عليهما، والقبول مثل أن يقول اشتريت أو قبلت ونحوهما، ولا يصح البيع إلا بلفظ أمر، أو ماض فقط، ويصح أن يقدّم القبول على الايجاب، وكذلك تراخي أحد العاقدين على القبول ماداما في مجلس العقد، ما لم ينشغلا بما يقطعه عرفاً، ويصح التعاقد بالمراسلة عند الغائب، وبالكتابة.
فالإيجاب مثل أن يقول بعتك أو ملكتك أو أي لفظ يدل عليهما، والقبول مثل أن يقول اشتريت أو قبلت ونحوهما، ولا يصح البيع إلا بلفظ أمر، أو ماض فقط، ويصح أن يقدّم القبول على الايجاب، وكذلك تراخي أحد العاقدين على القبول ماداما في مجلس العقد، ما لم ينشغلا بما يقطعه عرفاً، ويصح التعاقد بالمراسلة عند الغائب، وبالكتابة.
2- بيع المعاطاة: وهو التعاقد دون إيجاب وقبول مثل أن يقول المشتري أعطني بهذا الدينار خبزاً فيعطية أو يقول البائع: خذ هذا الثوب بدينار فيأخذه المشتري. وهذا البيع جائز، لأن الحاجة تدعو إليه وأكثر أنواع البيوع في هذا العصر من بيع المعاطاة.
ب- شروط عقد البيع:
اشترط الفقهاء في عقد البيع العديد من الشروط، وهي موزعة على أركان البيع، فهناك شروط تتعلق بالعاقدين، وشروط تتعلق بالمعقود عليه، وشروط تتعلق بالصيغة وهي:
أولاً: شروط العاقدين: يشترط في العاقدين ما يلي:
اشترط الفقهاء في عقد البيع العديد من الشروط، وهي موزعة على أركان البيع، فهناك شروط تتعلق بالعاقدين، وشروط تتعلق بالمعقود عليه، وشروط تتعلق بالصيغة وهي:
أولاً: شروط العاقدين: يشترط في العاقدين ما يلي:
- الرشد إلا في شيء يسير: وهو أن يكون العاقد سواءً كان بائعاً أو مشترياً جائز التصرف بأن يكون بالغاً، عاقلاً، غير محجور عليه لسفه أو غفلة، فلا يصح بيع الصبي ولا المجنون، ولا السفيه ما لم يأذن الولي به لمصلحة، وإذن الولي يكون بتفويض البيع والشراء إليهم.
- الرضا: فيشترط في البيع التراضي بين العاقدين مع توافر إرادة حرة واختيار تام، وذلك بأن لا تكون الإرادة منعدمة أو معيبة بأحد العيوب، فيشترط في الإرادة سلامتها بأن تكون متفقة تماماً مع الإرادة الباطنة والرضا الحقيقي الذاتي للمتعاقد، وتكون الإرادة منعدمة في حالة الإكراه، ومعيبة في حالتي الغبن والتدليس. فالغبن: هو توهم يصور للعاقد غير الواقع واقعاً، فيحمله على التعاقد، وينتج عن ذلك غبن فاحش، ما إذا كان في العقد غبن فاحش أم لا, يرجع على العرف ورأي أهل الخبرة.
والتدليس: هو أن يدلس البائع على المشتري، ما يزيد به الثمن، وهو حرام لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا) رواه مسلم في صحيحه، ورغم أنّ الغبن يكون موجوداً في التدليس والغبن ,إلا أنّ الفرق بينهما هو أنّ الغبن لا يكون متعمداً من البائع وربما يكون البائع نفسه وقع في غلط جعله يتصور غير الواقع واقعاً, أما في التدليس فيكون البائع هو الذي تعمّد وتسبب في وقوع المشتري فيه قاصداً غشّه وحمله على التعاقد رغم علمه بأنّ المشتري لو تم لحاله لما أقدم على التعاقد.
والإكراه: هو إجبار الشخص بغير حق على أن يعمل عملاً دون رضاه، مثل حمله على التعاقد على البيع أو الشراء بتهديده، أو إجباره بالقوة، وإخافته من ضرر جسيم يقع على نفسه أو ماله أو من يهمه أمرهم كأفراد أسرته وأقاربه بحيث لا يرضى بوقوع ذلك الضرر عليهم حتى لو أدى إلى أن يفقد أمواله.
- الرضا: فيشترط في البيع التراضي بين العاقدين مع توافر إرادة حرة واختيار تام، وذلك بأن لا تكون الإرادة منعدمة أو معيبة بأحد العيوب، فيشترط في الإرادة سلامتها بأن تكون متفقة تماماً مع الإرادة الباطنة والرضا الحقيقي الذاتي للمتعاقد، وتكون الإرادة منعدمة في حالة الإكراه، ومعيبة في حالتي الغبن والتدليس. فالغبن: هو توهم يصور للعاقد غير الواقع واقعاً، فيحمله على التعاقد، وينتج عن ذلك غبن فاحش، ما إذا كان في العقد غبن فاحش أم لا, يرجع على العرف ورأي أهل الخبرة.
والتدليس: هو أن يدلس البائع على المشتري، ما يزيد به الثمن، وهو حرام لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا) رواه مسلم في صحيحه، ورغم أنّ الغبن يكون موجوداً في التدليس والغبن ,إلا أنّ الفرق بينهما هو أنّ الغبن لا يكون متعمداً من البائع وربما يكون البائع نفسه وقع في غلط جعله يتصور غير الواقع واقعاً, أما في التدليس فيكون البائع هو الذي تعمّد وتسبب في وقوع المشتري فيه قاصداً غشّه وحمله على التعاقد رغم علمه بأنّ المشتري لو تم لحاله لما أقدم على التعاقد.
والإكراه: هو إجبار الشخص بغير حق على أن يعمل عملاً دون رضاه، مثل حمله على التعاقد على البيع أو الشراء بتهديده، أو إجباره بالقوة، وإخافته من ضرر جسيم يقع على نفسه أو ماله أو من يهمه أمرهم كأفراد أسرته وأقاربه بحيث لا يرضى بوقوع ذلك الضرر عليهم حتى لو أدى إلى أن يفقد أمواله.
وقد يكون الإكراه بالحق- البيع في هذه الحالة جائزاً- مثل أن يجبر الحاكم الشخص على بيع أمواله لسداد ديونه، أو على بيع الرهن لاستيفاء ما رهن لأجله وغيرها فإذا كان الإكراه بحق فهو جائز والبيع صحيح إذا تمّ دون الإضرار ضرراً بليغا به في الثمن.
ثانيا: شروط الصيغة: أربعة وهي كما يلي:
-اتحاد المجلس: وهو أن يكون القبول في مجلس الإيجاب قبل التفرق ودون أن يكون بينهما فاصل يفهم منه في العرف أن من وجه إليه الإيجاب لم يكن راغباً في القبول.
- توافق القبول بالإيجاب: فيجب أن يكون القبول على وفق الإيجاب في النقد والصفة والحلول والأجل دون أن يكون هناك أي تغيير، فلو قال البائع بعتك هذا بعشرة دنانير، فقال اشتريها بثمانية لم ينعقد البيع، ولو قال بعتك بثمانية دنانير فقال اشتريتها بثمانية دراهم لم ينعقد البيع، أو قال بعتك بعشرة حالاً فقال اشتريتها بعشر مؤجلاً لم ينعقد البيع، وهكذا فإذا خالف القبول الإيجاب أي شيء لم ينعقد البيع.
ثالثاً: شروط المعقود عليه: يشترط في المعقود عليه، وهو الشيء المبيع ستة شروط هي: أن يكون مالاً: وهو كل ما يمكن الانتفاع به مطلقاً في غير حاجة ولا ضرورة، مع جوازه شرعاً، فإمكانية الانتفاع وحدها لا تكفي، بل يجب ان يكون مباحاً من الشارع الحكيم إلا في حالة الضرورة والحاجة ووفقاً لضوابطها.
- أن يكون المبيع مملوكاً لبائعه ملكاً تاماً: وانعدام الملكية التامة مثل أن يكون قد اشترى المبيع من أحد ويكون لبائعه خيار فسخ العقد أو إمضائه، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تبع ما ليس عندك) رواه أحمد وغيره، وكذلك إذا كان المبيع ليس ملكاً للبائع يجب أن يكون مأذوناً له بالبيع من مالكه أو من الشارع الحكيم، مثل الوكيل الشرعي وولي الصغير والمجنون والسفيه .
- توافق القبول بالإيجاب: فيجب أن يكون القبول على وفق الإيجاب في النقد والصفة والحلول والأجل دون أن يكون هناك أي تغيير، فلو قال البائع بعتك هذا بعشرة دنانير، فقال اشتريها بثمانية لم ينعقد البيع، ولو قال بعتك بثمانية دنانير فقال اشتريتها بثمانية دراهم لم ينعقد البيع، أو قال بعتك بعشرة حالاً فقال اشتريتها بعشر مؤجلاً لم ينعقد البيع، وهكذا فإذا خالف القبول الإيجاب أي شيء لم ينعقد البيع.
ثالثاً: شروط المعقود عليه: يشترط في المعقود عليه، وهو الشيء المبيع ستة شروط هي: أن يكون مالاً: وهو كل ما يمكن الانتفاع به مطلقاً في غير حاجة ولا ضرورة، مع جوازه شرعاً، فإمكانية الانتفاع وحدها لا تكفي، بل يجب ان يكون مباحاً من الشارع الحكيم إلا في حالة الضرورة والحاجة ووفقاً لضوابطها.
- أن يكون المبيع مملوكاً لبائعه ملكاً تاماً: وانعدام الملكية التامة مثل أن يكون قد اشترى المبيع من أحد ويكون لبائعه خيار فسخ العقد أو إمضائه، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تبع ما ليس عندك) رواه أحمد وغيره، وكذلك إذا كان المبيع ليس ملكاً للبائع يجب أن يكون مأذوناً له بالبيع من مالكه أو من الشارع الحكيم، مثل الوكيل الشرعي وولي الصغير والمجنون والسفيه .
- أن يكون المبيع مقدوراً على تسليمه حال العقد: لأن ما لا يقدر على تسليمه شبيه بالمعدوم، والمعدوم لا يصح بيعه، لما روى عن أبي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر، وهو ما تردد بين أمرين، فلا يصح بيع دين لغير مدين، ولا بيع سمك بماء إلا إذا كان مرئياً بماء محجوز يسهل أخذه منه، ولا طائر بمكان يصعب أخذه منه ولا في الهواء.
- معرفة الثًّمن والمثَمّن للعاقدين: والمعرفة تكون إما بالوصف، أو المشاهدة حال العقد أو قبله بزمن يسير لا تتغير فيه العين عادة تغيراً ظاهراً.
- أن يكون البيع مؤبداً ومنجزاً غير مؤقت أو معلّق على شرط.
- معرفة الثًّمن والمثَمّن للعاقدين: والمعرفة تكون إما بالوصف، أو المشاهدة حال العقد أو قبله بزمن يسير لا تتغير فيه العين عادة تغيراً ظاهراً.
- أن يكون البيع مؤبداً ومنجزاً غير مؤقت أو معلّق على شرط.
- خلو الثمن والمُثمَّن والمتعاقدين من موانع الصحة: فلا يصح بيع محرم كالبيع الذي فيه ربا، ولا بيع موقوف بلا مسوغ، ولا بيع مرهون بلا إذن مرتهن ولا يصح البيع بعد نداء الجمعة.
ج-الشروط في البيع:
وهي تختلف عن شروط صحة البيع التي تقدم الحديث عنها فهي شروط مقترنة بالبيع، بمعنى أن البيع يكون صحيحاً ومكتملاً أركانه وشروطه، إلا أن هناك شروط يشترطها أحد العاقدين لمصلحته، وتثير نزاعاً أحياناً بين المتعاقدين، وهي تنقسم إلى نوعين: شرط صحيح لازم، وشرط فاسد مبطل للعقد:
أولا: الشرط الصحيح اللازم: وهو على ثلاثة أنواع هي:
- شرط مقتضى العقد: كأن يشترط أحد المتعاقدين شيئاً هو من مقتضيات العقد بحكم الشرع ولا يتم البيع بدونه، كالتقابض، وخيار المجلس، وحلول الثمن، وغيرها، وهذا الشرط لا يؤثر في العقد فوجوده كعدمه لأنه بيان وتأكيد لمقتضي العقد.
- شرط لمصلحة المشترط: كاشتراط صفة في الثمن كتأجيله، أو اشتراط كفيل أو رهن معين بالثمن، أو تأجيل بعضه إلى وقت معلوم، أو الاشهاد، أو اشتراط صفة معينة في المبيع فإن وجد المشروط لزم البيع وإلا فللمشترط فسخ العقد لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (المسلمون على شروطهم) رواه بخاري.
- شرط مقتضى العقد: كأن يشترط أحد المتعاقدين شيئاً هو من مقتضيات العقد بحكم الشرع ولا يتم البيع بدونه، كالتقابض، وخيار المجلس، وحلول الثمن، وغيرها، وهذا الشرط لا يؤثر في العقد فوجوده كعدمه لأنه بيان وتأكيد لمقتضي العقد.
- شرط لمصلحة المشترط: كاشتراط صفة في الثمن كتأجيله، أو اشتراط كفيل أو رهن معين بالثمن، أو تأجيل بعضه إلى وقت معلوم، أو الاشهاد، أو اشتراط صفة معينة في المبيع فإن وجد المشروط لزم البيع وإلا فللمشترط فسخ العقد لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (المسلمون على شروطهم) رواه بخاري.
- اشتراط منفعة المبيع للبائع مدة معلومة: يصح أن يشترط البائع للمشتري منفعة ما باعه له مدة معلومة، كسكنى الدار شهراً.
ثانياً: الشرط الفاسد: وهي ايضاً نوعان أنواع هي:
- شرط فاسد غير مفسد للبيع: وهو شرط في العقد ينافي مقتضاه، مثل أن يبع البائع سلعة ما ويشترط على المشتري ألا يبيعه أو أن لا يهبه، أو أن يشترط عليه وقف المبيع، فهذا الشرط باطل في ذاته ولكنه لا يبطل البيع فيصح البيع ولا يعمل بالشرط.
- شرط فاسد يمنع اتعقاد البيع: كالقول بعت أو اشتريت إن رضي زيد، أو جاء كذا وهو البيع المعلق على شرط، فمثل هذه الشروط إن وجدت في العقد تبطله، وتحول دون انعقاد البيع من أساسه.
- شرط فاسد غير مفسد للبيع: وهو شرط في العقد ينافي مقتضاه، مثل أن يبع البائع سلعة ما ويشترط على المشتري ألا يبيعه أو أن لا يهبه، أو أن يشترط عليه وقف المبيع، فهذا الشرط باطل في ذاته ولكنه لا يبطل البيع فيصح البيع ولا يعمل بالشرط.
- شرط فاسد يمنع اتعقاد البيع: كالقول بعت أو اشتريت إن رضي زيد، أو جاء كذا وهو البيع المعلق على شرط، فمثل هذه الشروط إن وجدت في العقد تبطله، وتحول دون انعقاد البيع من أساسه.
وفي العموم لا يحق للمشتري أو للبائع اشتراط أي شرط يخالف القرآن الكريم أو السنة النبوية التي فصلت لنا المعاملات المالية فالرسول الكريم صلى – فديته بأبي وأمي- يقول في الحديث الذي ترويه السيدة عائشة رضي الله عنها ((...قالت عائشةُ: فقامَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الناسِ فحمِدَ اللهَ وأثنَىٰ عليهِ ثم قال: أمّا بعدُ، فما بالُ رجالٍ منكم يَشترِطونَ شُروطاً ليسَت في كتابِ الله ؟ فأيّما شرطٍ ليس في كتابِ اللهِ فهوَ باطل وإن كان مائةَ شرط، فقضاءُ اللهِ أحق، وشرطُ اللهِ أوثق...)) رواه بخاري .
فالحديث الذي يرويه بخاري والذي هو ((المسلمون على شروطهم)) يقيده الحديث السابق بحيث يجب أن تكون الشروط دوماً في العقود وغيرها تبعاً لكتاب الله وسنة رسوله.
هـ -الخيارات في البيع:
هنالك خيارات في البيع تثبت للمتعاقدين معاً أو لأحدهما، وهو أن يكون له الخيار في إمضاء البيع أو فسخه وهي عدّة أنواع، وهي:
1- خيار المجلس: وهو مكان التعاقد على أية حال كان المتعاقدان، ويثبت هذا الخيار للمتعاقدين من حين العقد إلى أن يتفرقا بأبدانهما عرفاً، ما لم يكن قد اشتراطا على الخيار بينهما، فيلزم البيع بمجرد العقد، وكذلك يلزم البيع اذا أسقطا خيار المجلس بعد العقد وقبل التفرق لأن الخيار حق للعاقد فيسقط بإسقاطه، وإذا أسقطه أحد العاقدين دون الآخر يبقى الآخر على خياره.
2- خيار الشرط: وهو أن يشترط العاقدان أو أحدهما في العقد أو بعده في المجلس بأنَّ لهما الخيار في إمضاء العقد أو فسخه إلى مدة معلومة وإن طالت. فهذا الشرط صحيح وثَبُتَ به الخيار، ويحرم تصرف العاقدين في الثمن والمثمّن في مدة الخيار، إلا إذا كان للتجربة، فإذا كان الخيار للمشتري وحده فينفذ تصرفه إذا تصرف في المبيع ويسقط به الخيار ويلزم البيع، ويسقط خيار الشرط بالقبول الصريح بإسقاطه، وبالفعل كالتصرف في الشيء المبيع على نحو يدل على قبول المشتري به.
هنالك خيارات في البيع تثبت للمتعاقدين معاً أو لأحدهما، وهو أن يكون له الخيار في إمضاء البيع أو فسخه وهي عدّة أنواع، وهي:
1- خيار المجلس: وهو مكان التعاقد على أية حال كان المتعاقدان، ويثبت هذا الخيار للمتعاقدين من حين العقد إلى أن يتفرقا بأبدانهما عرفاً، ما لم يكن قد اشتراطا على الخيار بينهما، فيلزم البيع بمجرد العقد، وكذلك يلزم البيع اذا أسقطا خيار المجلس بعد العقد وقبل التفرق لأن الخيار حق للعاقد فيسقط بإسقاطه، وإذا أسقطه أحد العاقدين دون الآخر يبقى الآخر على خياره.
2- خيار الشرط: وهو أن يشترط العاقدان أو أحدهما في العقد أو بعده في المجلس بأنَّ لهما الخيار في إمضاء العقد أو فسخه إلى مدة معلومة وإن طالت. فهذا الشرط صحيح وثَبُتَ به الخيار، ويحرم تصرف العاقدين في الثمن والمثمّن في مدة الخيار، إلا إذا كان للتجربة، فإذا كان الخيار للمشتري وحده فينفذ تصرفه إذا تصرف في المبيع ويسقط به الخيار ويلزم البيع، ويسقط خيار الشرط بالقبول الصريح بإسقاطه، وبالفعل كالتصرف في الشيء المبيع على نحو يدل على قبول المشتري به.
3- خيار الغبن: وقد تقدم بيانه، وهو يثبت للمغبون فله الحق في فسخ العقد أو الإمساك بالمبيع.
4- خيار التدليس: ويثبت فيه الخيار للمشتري بين فسخ العقد أو الإمساك بالمبيع.
5- خيار العيب: وهو نقص في المبيع مما ينقص من قيمته عرفاً، فإذا وجد للمشتري عيباً بما اشتراه فهو بالخيار بين رد المبيع وبين إمساكه مع الأرش أو بدونه، والأرش هو الفرق في الثمن بين ما اشتراه به وبين الثمن الحقيقي. ويرجع المشتري بالثمن كاملاً، لأنه بذل الثمن ليستلم منه مبيعاً سليماً، ولم يثبت المبيع فثبت له الرجوع بالثمن. والسبب في أخذ الارش حال إمساكه أنَّ الجزء الناقص بالعيب يقابله جزء من الثمن، وخيار العيب متراخ فلا يسقط بالتأخير لأنّه ثبت لدفع ضرر، إلا اذا صدر للمشتري ما يدل على رضاه به بعد علمه كتصرفه فيه ببيع، أو هبة، أو استعمال لغير تجربة.
6- خيار الخلاف في قدر الثمن: وهو اختلاف البائع والمشتري في قدر الثمن المباع به فإذا نشأ الخلاف يحلف البائع أولاً بأنّه ما باعه بكذا وإنما باعه بكذا، ثم يحلف المشتري ما اشتريته بكذا إنما اشتريته بكذا، وبعد ذلك إن رضي أحدهما بقول الآخر، أو نكل أحدهما وحلف الآخر، انحل العقد ويثبت لهما الخيار في فسخه وهذا الخيار ثابت عند الإمام مالك والشافعي دون غيرهما.
7- خيار الخيانة في بيوع الأمانة: وبيوع الأمانة هي على عدّة أنواع منها:
- بيع التولية: وهو البيع برأس المال فقط دون زيادة أو نقصان، ويجب أن يكون الثمن معلوماً.
- بيع المرابحة: وهو بيع الشيء بثمنه المشترى به مع ربح معلوم، مثل القول بعتك هذا الشيء بثمنه وهو مائة دينار مع ربح دينارين.
- بيع المواضعة :وهو بيع خسران أن البيع بأقل من ثمنه المشترى به، كان يبيعه ما ثمنه مائة دينار بوضيعة دينار من كل عشرة.
ويجب أن يكون رأس المال في جميع هذه البيوع معلوماً لدى البائع والمشتري، وهو يعتمد على أمانة البائع.
فإذا تم العقد بناءً على ثمن معلوم وظهر فيما بعد بأنه ثمنه الحقيقي أقل منه كان ذلك خيانة وللمشتري حسم الزيادة في بيع التولية والمرابحة، وينقص الزائد في المواضعة ولا خيار فسخ في هذه الأحوال.
5- خيار العيب: وهو نقص في المبيع مما ينقص من قيمته عرفاً، فإذا وجد للمشتري عيباً بما اشتراه فهو بالخيار بين رد المبيع وبين إمساكه مع الأرش أو بدونه، والأرش هو الفرق في الثمن بين ما اشتراه به وبين الثمن الحقيقي. ويرجع المشتري بالثمن كاملاً، لأنه بذل الثمن ليستلم منه مبيعاً سليماً، ولم يثبت المبيع فثبت له الرجوع بالثمن. والسبب في أخذ الارش حال إمساكه أنَّ الجزء الناقص بالعيب يقابله جزء من الثمن، وخيار العيب متراخ فلا يسقط بالتأخير لأنّه ثبت لدفع ضرر، إلا اذا صدر للمشتري ما يدل على رضاه به بعد علمه كتصرفه فيه ببيع، أو هبة، أو استعمال لغير تجربة.
6- خيار الخلاف في قدر الثمن: وهو اختلاف البائع والمشتري في قدر الثمن المباع به فإذا نشأ الخلاف يحلف البائع أولاً بأنّه ما باعه بكذا وإنما باعه بكذا، ثم يحلف المشتري ما اشتريته بكذا إنما اشتريته بكذا، وبعد ذلك إن رضي أحدهما بقول الآخر، أو نكل أحدهما وحلف الآخر، انحل العقد ويثبت لهما الخيار في فسخه وهذا الخيار ثابت عند الإمام مالك والشافعي دون غيرهما.
7- خيار الخيانة في بيوع الأمانة: وبيوع الأمانة هي على عدّة أنواع منها:
- بيع التولية: وهو البيع برأس المال فقط دون زيادة أو نقصان، ويجب أن يكون الثمن معلوماً.
- بيع المرابحة: وهو بيع الشيء بثمنه المشترى به مع ربح معلوم، مثل القول بعتك هذا الشيء بثمنه وهو مائة دينار مع ربح دينارين.
- بيع المواضعة :وهو بيع خسران أن البيع بأقل من ثمنه المشترى به، كان يبيعه ما ثمنه مائة دينار بوضيعة دينار من كل عشرة.
ويجب أن يكون رأس المال في جميع هذه البيوع معلوماً لدى البائع والمشتري، وهو يعتمد على أمانة البائع.
فإذا تم العقد بناءً على ثمن معلوم وظهر فيما بعد بأنه ثمنه الحقيقي أقل منه كان ذلك خيانة وللمشتري حسم الزيادة في بيع التولية والمرابحة، وينقص الزائد في المواضعة ولا خيار فسخ في هذه الأحوال.
ويثبت خيار الفسخ للمشتري في الأحوال التالية:
أ - اذا قال البائع ثمن المبيع مائة ثم قال فيما بعد غلطت، والثمن زائد عما اخبرت به، فالقول قوله بيمينه، على أن يحلف أنه لم يكن يعلم بهذا وقت البيع، والمشتري بالخيار بين الرد ودفع زيادة الثمن. ب - إذا اشترى البائع السلعة ممن لا تقبل شهادته لهم كأبيه وابنه وزوجته وكتم ذلك عن المشتري فللمشتري الخيار بين الفسخ والاخذ.
ج - لو اشترى البائع السلعة بأكثر من ثمنها حيلة، كشرائها من غلام وكتم ذلك عن المشتري. )) انتهى.
من خلال المقالة السابقة يتضح لنا أنه حتى يتحقق البيع لابد من توفر عدة شروط كما مر معنا وحتي يصح البيع هناك شروط تتعلق بالعاقدين وبالمعقود عليه ولتبسيط الحالات السابقة يمكن سرد قواعد مبسطة تفيد الأخوة المبتدئين في هذا المجال وتيسير لهم معرفة البيوع المحرمة بشكل موجز و لنبدأ بالقاعدة العامة التي تمكننا من معرف البيوع المحرمة وفقنا الله وسدد خطانا لما يحب ويرضاه.
- القاعدة العامة لمعرفة البيوع المحرمة:
يجب أولاً أن نتذكر أن الله تعالى يقول ((..وأحل الله البيع وحرم الربا..)) البقرة 275.
وإن من يفسر هذه الآية الكريمة على ظاهرها يقع في خطأ كبير وعظيم حيث أن ظاهر الآية الكريمة يبيح لنا جميع أنواع البيوع ويحرم علينا الربا فقط.
وهذا خطأ كبير لسببين :
أولهما : حرام حرام على المسلم مهما بلغ من الدقة والعلم والورع والفقه أن يفسّر القرآن برأيه دون الرجوع إلى السنّة النبوية المطهّرة لأنّ الله تعالى يقول مخاطباً نبيه الكريم ومنبهاً عباده المؤمنين ((وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون )) النحل 64. فالآية الكريمة تدل وبشكل واضح بأنّ الله تعالى أمر نبيه الكريم بتبين للنّاس أحكام القرآن وتفسيره لهم لتقوم الحجّة على البشرية بالقرآن أولاً وبالسنة ثانية والتي هي بالأصل تبعاً للقرآن الكريم.
ثانيهما : كلمة البيع معرفة وكلمة بيع نكرة فالنكرة تكون غير محددة أما المعرفة تكون محددة و واضحة والذي يوضح لنا ما هو المقصود بالبيع هو رسولنا الكريم أبي القاسم صلى الله عليه وسلم فديتك بنفسي وأمي وأبي يا سيدي أبا الزهراء0
لذلك عند تطرّقنا بالحديث عن البيوع المحرمة يجب البحث عن الدليل الموافق لما نقول من السنّة الصحيحة الثابتة نقلاً وعقلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبالنسبة لأشكال وأصناف البيوع المحرمة لا يمكن حصرها ولا عدّها ولكن يمكن ذكر بعض القواعد التي تساعدنا في معرفة البيع الحرام عن البيع الحلال ومن هذه القواعد:
1) - كل بيع فيه شيء من الربا بمختلف أشكالها فهو حرام.
2)- كل بيع لشيء حرام فهو حرام.
3)- كل بيع فيه شيء من الميسر فهو حرام.
4)- كل بيع فيه جهل في مواصفات الشيء المراد شرائه فهو بيع باطل .
5) -كل بيع يحدث في وقت النداء الثاني لصلاة الجمعة – أي حين يجلس الخطيب ويبدأ المؤذّن بالنداء - فهو حرام.
6)- بيع الإنسان ما لا يملك بيع حرام وغير جائز وغير واقع وباطل.
7)-كل بيع لا يبيّن فيه البائع عيوب الشيء الذي يبيعه هو بيع حرام وفيه غش وتدليس .
أولاً- نبدأ بالقاعدة الأولى : كل بيع فيه شيء من الربا بمختلف أشكالها فهو حرام :
إن الربا من أشد المحرمات والكبائر التي جاء الإسلام ليمحقها و ليمحيها من الوجود الاجتماعية لما فيها من ظلم للفقير وتدمير للمجتمع وتفكيك أواصره وجاء تحريم الربا في القرآن الكريم وفي السنة المطهرة وفي أكثر من موضع وتوعّد الله عز وجل من يأكل الربا أو يشارك بها بأشد أنواع العذاب.
والربا في لغة هي: الزيادة ,و شرعاً هي : الفضل الخالي عن العوض المشروط في البيع ; فالفضل الخالي عن العوض إذا دخل في البيع كان ضد ما يقتضيه البيع فكان حراما , واشتراطه في البيع لا يصح فهو شرط باطل.
أنـواع الربـا:
1- ربا الفضل :وهو البيع مع زيادة أحد العوضين المتفقي الجنس على الآخر .
• فالأصل أن الشيئين ( العوضين) إذا كانا من جنس واحد واتفقا في العلة ( كانا موزونين أو مكيلين ) لابد لذلك من شرطين :
• فالأصل أن الشيئين ( العوضين) إذا كانا من جنس واحد واتفقا في العلة ( كانا موزونين أو مكيلين ) لابد لذلك من شرطين :
أ) - التساوي وعلم المتعاقدين يقينا بذلك .
ب) - التقابض قبل التفرّق .
• وإذا كانا مختلفين في الجنس ومتحدين في العلّة كبيع قمح بشعير مثلا فلا يشترط إلا التقابض وتجوز المفاضلة .
• أما إذا اختلفا في الجنس والعلة كأن تبيع قمحا بذهب أو فضة فلا يشترط فيه شيء من ذلك .
ب) - التقابض قبل التفرّق .
• وإذا كانا مختلفين في الجنس ومتحدين في العلّة كبيع قمح بشعير مثلا فلا يشترط إلا التقابض وتجوز المفاضلة .
• أما إذا اختلفا في الجنس والعلة كأن تبيع قمحا بذهب أو فضة فلا يشترط فيه شيء من ذلك .
عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( الذهب بالذهب. والفضة بالفضة. والبر بالبر. والشعير بالشعير. والتمر بالتمر. والملح بالملح. مثلا بمثل. سواء بسواء. يدا بيد. فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدا بيد )). رواه مسلم في صحيحه.
وفي هذا النوع من الربا خلاف فقهي كبير بين عامة الفقهاء قديماً وحديثاً وخصوصاً فيما يتعلق بالأصناف الربا .
وسبب وقوع هذا الخلاف الفقهي هو تفسير حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه ((لا رِباً إِلاّ في النَّسِيئة)) رواه بخاري ومسلم وغيرهم بسند صحيح.
فقال بعض الفقهاء هذا الحديث ناسخ للحديث الذي رواه عبادة بن الصامت رضي الله عنه والذي تظهر فيه ربا الفضل وعلى كل حال هذه مسألة فقهية خلافية بحتة نترك البت فيها لأهل الاختصاص في هذا المجال والله تعالى أعلم .
ومن البيوع التي فيها ربا فضل- بيع العينة:
تعريف بيع العينة: وهي أن يقوم البائع ببيع المشتري سلعة بسعر إلى أجل ثم يقوم ويشتريها منه نقداً ولكن بثمن أقل من ذلك الثمن. قال الرافعي: وبيع العينة هو أن يبيع شيئاً من غيره بثمن مؤجّل ويسلّمه إلى المشتري ثم يشتريه قبل قبض الثمن بثمن نقد أقل من ذلك القدر .
وقد ذهب إلى عدم جواز بيع العينة مالك وأبو حنيفة وأحمد، وجوز ذلك الشافعي وأصحابه. ولعلّ الشافعي رضي الله عنه لم يرد إليه الحديث الذي يبين تحريم بيع العينة وقوله صلى الله عليه وسلم ((إِذا، يعني، ضنَّ النّاسُ بِالدّينارِ والدّرْهَمِ، وتبايعوا بالعِينِ واتَّبَعُوا أَذنابَ البقر، وتركوا الجِهادَ في سَبِيل الله، أَنْزَلَ الله بِهِمْ بَلاءً فَلَمْ يَرْفَعْهُ عَنْهُمْ حَتّى يراجعوا دِينَهُمْ)) رواه أحمد في مسنده وغيره من روات الأحاديث . أو قد وصله ولكن بسند غير صحيح والله أعلم.
فمن الأمور غير الجائزة التي تحدث في بيع التقسيط: هي أن يشتري المشتري سلعة ما بأقساط إلى أجل ثم يبيعها لنفس البائع الأول بثمن أقل، هذا بيع هو بيع العينة الذي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبر بأنّه حرام لا يجوز، فلو أن إنساناً اشترى من الوكالة سيارة بالتقسيط بخمسين ألف وحدة نقدية إلى سنة بالأقساط أو إلى سنتين لا يجوز أن يأخذها ويبيعها لنفس الوكالة نقداً الآن بأربعين ألف وحدة نقدية على سبيل المثال لا الحصر فهذا حرام لا يجوز، لكن لو أخذها من المعرض واستلمها من الوكالة ثم ذهب بها إلى مكان آخر إلى معرض. إلى صديق له، وباعها عليه نقداً فلا بأس بذلك، يبقى عليه التقسيط يدفعه للوكالة، والسيارة يبيعها بعد أن استلمها إلى من شاء لكن غير الطرف الأول الذي اشترى منه. ولو جاء رجل وقال: إن تبيعها أنا أشتريها منك نقداً، ويكون هذا المشتري من جهة الوكالة فإن هذا غير جائز، ولكن لو باعها من طرف آخر لا علاقة له بالبيع الأول فلا بأس بذلك وهو حلال إن شاء الله.
2- ربا النسيئة: وفي هذا النوع من الربا لم يختلف في تحريمه إثنان من الصحابة أو التابعين أو الفقهاء القدماء والمعاصرين رضي الله عنهم جميعاً.
النسيئة : فهو زيادة الدين في نظير الأجل ، وهو ربا الجاهلية الذي كانوا يتعاملون به ، فكان الرجل إذا أقرض آخر على أجل محدد ، فإذا جاء الأجل ولم يستطع الأداء قال له : تدفع أو ترابي فيزيده في سبيل زيادة الأجل أي كأن تشتري منزلاً بالتقسيط وعندما يحل زمن دفع الثمن تقول للبائع أخّري لي هذه الأقساط وزد السعر بنسبة ولتكن 5% .....
وأما أدلة تحريم الربا فهي كثيرة جداً نذكر منها قوله تعالى ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين, فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون )) البقرة278-279.
يقول ابن عباس رضي الله عنه- كما ورد في صحيح بخاري- أنّ هذه الآية هي آخر ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم, فالله عز وجل توعّد من يتعامل بالربا بحرب منه ومن رسوله صلى الله عليه وسلم .
فالربا من أشد الكبائر التي حاربها الإسلام فهي أشد الموبقات التي يستوجب آكلها غضب الله ورسوله الكريم والعياذ بالله .
والربا من الموبقات السبع التي حذرنا منها الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام بقوله : (( اجتنبوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِالله وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ الله إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ».رواه بخاري ومسلم وغيرهم من رواة الأحاديث الصحيحة.
بعض أشكال البيوع المحرمة التي فيها ربا النسيئة :
أولاً- الشراء بالتقسيط مع فرض غرامة على المشتري في حال التأخر أو تخفيض السعر في حال قام المشتري بتأدية الأقساط إلى البائع قبل حلول الأجل:
إن الشراء بالتقسيط إلى أجل مع زيادة سعر السلعة المباعة تقسيطاً عن سعرها في حال تم البيع نقداً هذا البيع جائز إن شاء الله وذلك في حال استفائه الشروط الشرعية التالية:
1- أن يجزم الطرفان بالبيع بالتقسيط دون البيع الحال، وإلا دخل ذلك في معنى ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من البيعتين في بيعة، وأما مع الجزم بذلك فليس هناك إلا بيعة واحدة، وإن عدم تحقيق هذا الشرط أي كأن يقول لك البائع سعر السلعة نقداً بثمن وليكن 1000 وحدة نقدية وبالتقسيط 1200 وحدة نقدية تقسيطاً في مثل هذه الحالة يصح ويحل البيع إن شاء الله ولكنه مكروه والأفضل الأبتعاد عنه.
2- لا حق للبائع في الاحتفاظ بملكية المبيع بعد البيع ، ولكن يجوز للبائع أن يشترط على المشتري رهن المبيع عنده لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة .
3- أن تكون الآجال معلومة والثمن معلوماً والأقساط معلومة لئلا تكون هناك جهالة أو غرر يفسدان العقد.
4- ألا تحتسب فائدة أو غرامة عند التأخر في السداد، لأن هذه الغرامة هي عين ربا الجاهلية التي حرمّها القرآن، .وإن ما يميز بيع التقسيط الحلال عن بيع التقسيط الحرام والذي هو الربا بعينها هو وجود هذا الشرط أو عدم وجوده فللأسف كثيراً ما يذهب المشتري إلى البائع ليشتري بالتقسيط ويقوم البائع بوضع شرط جزائي وهو غرامة مادية على البائع في حال تأخّره عن تسديد أحد الأقساط , هذا الشرط يخرج البيع من حالة البيع الحلال إلى الشراء بطريقة الربا المحرمة وهو الفيصل بين الحلال والحرام.
ويقابل هذا الشرط أيضاً شرط معاكس أحياناً وهو تخفيض السعر للمشتري في حال دفع ثمن السلعة في فترة أقل من الفترة المتفق عليها وهذا حرام أيضاً .
لتوضيح هذه الحالة لا بد لنا من المثال الآتي:
المسألة رقم (1) :اشترى أحد المسلمين سيارة ولتكن بالتقسيط وليكن بمبلغ مقداره/10000/ ولمدة 100 شهر بحيث يدفع كل شهر 100 وحدة نقدية وبعد أن انعقد البيع واستلم المشتري السيارة واتفقا على ذلك البيع وبدأ المشتري يدفع الأقساط وبعد فترة زمنية ولتكن /5/ أشهر رُزق المشتري مبلغاً من المال فذهب إلى البائع وقال له : أعطيك كامل ثمن السيارة ولكن بالمقابل أطلب منك أن تحسم لي من حق السيارة فأنا اشتريتها على أن أدفع ثمنها في 100 شهر وأنا أريد اليوم أن ادفع لك كامل المبلغ فمن المنطق أن تخفض لي السعر؟
السؤال هل طلب المشتري تخفيض السعر بسبب استعجاله في سداد الأقسط جائزاً أم لا ؟
إن للإجابة على هذه الحالة والتي تسمى شرعاً بالحطيطة من الدين المؤجل لأجل تعجيله : يجب أن نعلم أنّ هذه المسألة من مسائل الفقه التي فيها خلاف كبير وقديم بين الصحابة والتابعين والفقهاء وعلى العموم هناك عدة آراء في هذه المسألة و من المفيد جداً ذكرهما نظراً لوجود هذه الحالة كثيراً في مجتمعنا وأتكفي بذكر رأيين فقط لقربهما من الأدلة النقلية والعقلية ولإنسجامهما مع المصالح المرسلة ( الدين- الحياة – العقل- المال – العرض) وهذين الرأيين في مسألة الحطيطة من الدين المؤجل لأجل تعجيله هما :
صورته:
عرفه بعض أهل العلم : تعجيل الدين المؤجل في مقابل التنازل عن بعضه ويقال أيضاً هو التنازل عن جزء من الدين المؤجل ودفع الجزء الباقي في الحال.
و اختلف العلماء في حكم الحالة على رأيين أساسيين :
القول الأول : ومضمونه (( جواز الوضع والتعجيل )).
القول الأول : ومضمونه (( جواز الوضع والتعجيل )).
واستدلوا على صحة قولهم بمايلي:
أ- عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرج بني النضير قالوا : يا رسول الله ، إنك أمرت بإخراجنا ولنا على الناس ديون لم تحل . قال : ضعوا وتعجلوا . رواه الحاكم (2325) وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ورواه الطبراني في الأوسط وقال الهيثمي في المجمع : رواه الطبراني في الأوسط وفيه مسلم بن خالد الزنجي وهو ضعيف وقد وثق .
وقال ابن كثير في البداية والنهاية : وفي صحته نظر,وقد أجازها من الصحابة ابن عباس رضي الله عنهما, روى سعيد بن منصور ومن طريقه البيهقي (6/28) من طريق سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس أنه كان لا يرى بأسا أن يقول : أعجل لك وتضع عني . وإسناده صحيح .
وقال ابن كثير في البداية والنهاية : وفي صحته نظر,وقد أجازها من الصحابة ابن عباس رضي الله عنهما, روى سعيد بن منصور ومن طريقه البيهقي (6/28) من طريق سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس أنه كان لا يرى بأسا أن يقول : أعجل لك وتضع عني . وإسناده صحيح .
ب- وقال بجوازها النخعي من التابعين وزُفر من أصحاب أبي حنيفة وأبو ثور من أصحاب الشافعي . وهو رواية عن الإمام أحمد .
ج- قد علل بعض أهل العلم المجيزين ذلك بأن هذا- الحطيطة عن الدين المؤجل- عكس الربا فإنّ الربا يتضمن الزيادة في أحد العوضين في مقابلة الأجل وهذا يتضمن براءة ذمته من بعض العوض في مقابلة سقوط الأجل فسقط بعض العوض في مقابلة سقوط بعض الأجل فانتفع به كل واحد منهما ولم يكن ربا لا حقيقة ولا لغة ولا عرفاً.
فإن الربا الزيادة وهي منتفية هنا والذين حرموا ذلك قاسوه على الربا ولا يخفى الفرق الواضح بين قوله : "إما أن تربي وإما أن تقضي " وبين قوله : " عجّل لي وأهب لك مئة " . فأين أحدهما من الآخر ؟ فلا نص في تحريم ذلك ولا إجماع ولا قياس صحيح.
د- وأفتى بجواز هذه الصورة المجمع الفقهي وكثير من الهيئات الشرعية وهذه بعض الفتاوى: منظمة المؤتمر الإسلامي - مجمع الفقه الإسلامي قرارات وتوصيات مجلس مجمع الفقه الإسلامي ( البيع بالتقسيط ) الذي ورد فيه : وبعد الاستماع إلى المناقشات التي دارت حوله تقرر :
((1- أنّ الحطيطة من الدين المؤجل لأجل تعجيله سواء أكانت بطلب الدائن أم المدين ضع وتعجل جائزة شرعاً ولا تدخل في الربا المحرم إذا لم تكن بناء على اتفاق مسبق وما دامت العلاقة بين الدائن والمدين ثنائية فإذا دخل بينهما طرف ثالث لم تجز لأنها تأخذ عندئذ حكم حسم الأوراق التجارية .
2- يجوز اتفاق المتداينين على حلول سائر الأقساط عند امتناع المدين عن وفاء أي قسط من الأقساط المستحقة عليه ما لم يكن معسراً.
3- إذا اعتبر الدين حالا لموت المدين أو إفلاسه أومماطلته فيجوز في جميع هذه الحالات الحط منه للتعجيل بالتراضي.
4- ضابط الإعسار الذي يوجب الانتظار ألا يكون للمدين مال زائد عن حوائجه الأصلية يفي بدينه نقداً وعيناً . ً
ي- وقال الشيخ عبد الرحمن سعدي في كتابه المختارات الجلية من المسائل الفقهية : والصحيح جواز الصلح عن المؤجل ببعضه حالاً لأنًه لا دليل على المنع ولا محذور في هذا بل في ذلك مصلحة للقاضي والمقتضي فقد يحتاج من عليه الحق إلى الوفاء قبل حلوله وقد يحتاج صاحب الحق إلى حقه لعذر من الأعذار وفى تجويز هذا مصلحة ظاهرة وأما قياس المانعين لهذه المسألة بمسألة قلب الدين على المعسر فهذاالقياس من أبعد الأقيسة وبين الأمرين من الفرق كما بين الظلم المحض والعدل الصريح انتهى مختصرا .
ي- وقال الشيخ عبد الرحمن سعدي في كتابه المختارات الجلية من المسائل الفقهية : والصحيح جواز الصلح عن المؤجل ببعضه حالاً لأنًه لا دليل على المنع ولا محذور في هذا بل في ذلك مصلحة للقاضي والمقتضي فقد يحتاج من عليه الحق إلى الوفاء قبل حلوله وقد يحتاج صاحب الحق إلى حقه لعذر من الأعذار وفى تجويز هذا مصلحة ظاهرة وأما قياس المانعين لهذه المسألة بمسألة قلب الدين على المعسر فهذاالقياس من أبعد الأقيسة وبين الأمرين من الفرق كما بين الظلم المحض والعدل الصريح انتهى مختصرا .
-القول الثاني: ((ومضمونه تحريم الحيطية عن الدين المؤجل لقاء تعجيله واعتباره شكلاً من أشكال الربا المحرم)).
قال به عدد من الصحابة والتابعين ، وقال به جمهور العلماء من الأئمة الأربعة فذهب إلى تحريم ذلك قول أبي حنيفة ومالك والشافعي والمشهور عن أحمد ، ووجه ذلك : أنه شبيه بالزيادة مع الإنظار المجمع على تحريمها ؛ لأنه جعل للزمان مقداراً من الثمن بدلاً منه في الموضعين جميعاً ، فهو في الصورتين جعل للزمان ثمناً لزيادته ونقصه ؛ هذا معنى ما علل به ابن رشد في بداية المجتهد. وعلل صاحب فتح القدير من الحنفية ذلك بقوله : لأنّ المعجّل خير من المؤجّل وهو غير مستحق بالعقد ، فيكون بإزاء ما حطّه عنه وذلك اعتياض عن الأجل وهو حرام .
وهو بمعنى التعليل الذي قبله ، وعللّ صاحب مغني المحتاج من الشافعية لذلك بقوله : ( لأن صفة الحلول لا يصح إلحاقها . . فإن لم يحصل الحلول لا يصح الترك ) يعني أن صحة ترك البعض تنبني على صحة التعجيل ، والتعجيل غير صحيح فالترك غير صحيح ، وعللّ ذلك صاحب المبدع من الحنابلة بقوله : ( لأنه يبذل القدر الذي يحطه عوضاً عن تعجيل ما في ذمته وبيع الحلول والتأجيل لا يجوز ) ، وهذا التعليل بمعنى ما علل به صاحب فتح القدير من الحنفية حيث يقول: ( وذلك اعتياض عن الأجل وهو حرام ) ، وهما يتفقان مع قول ابن رشد : ( لأنّه جعل للزمان مقداراً من الثمن ) فاتفقت كلمتهم على أن بيع الأجل لا يجوز وهو الذي من أجله منعوا مسألة : ( ضع وتعجل ).
- واستدلوا على صحة قولهم بمايلي:
أ- رد أصحاب هذا الرأي على الحديث – الضعيف أصلاً- الذي رواه ابن عباس رضي الله عنه والذي يجيز الحطيطة عن الدين المؤجل والذي استند عليه أصحاب الرأي الأول لتقوية حجتهم بأنّ هذا الحديث ضعيف لا يصلح الاحتجاج به وإن صح الاحتجاج به فهو منسوخ بآيات تحريم الربا التي نزلت بعده.
ب- قال البـاجي (أحد الفقهاء القدماء ): من له مائة مؤجلة فأخذ خمسين قبل الأجل علـى أن يضع خمسين لـم يجز لأنه اشترى مائة مؤجلة بخمسين معجلة فدخـله النساء (النسيئة) والتفـاضل فـي الـجنس الواحد.
- ورد في كتاب البيوع في موطأ الإمام مالك مايلي:
1- عَنْ عُبَيْدٍ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى السَّفَّاحِ، أَنَّهُ قَالَ: بِعْتُ بَزّاً لِي مِنْ أَهْلِ دَارِ نَخْلَةَ إلَى أَجَلٍ، ثُمَّ أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إلَى الْكُوفَةِ، فَعَرَضُوا عَلَيَّ أَنْ أَضَعَ عَنْهُمْ بَعْضَ الثَّمَنِ وَيَنْقَدُونِي، فَسَأَلْتُ عَنْ ذٰلِكَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَقَالَ: لا آمُرُكَ أَنْ تَأْكُلَ هٰذَا وَلا تُوكِلَهُ.
فنلاحظ أن سيدنا زيد بن ثابت أحد الصحابة رضي الله عنهم والذي أخبرنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أعلم الأمة الإسلامية بالفرائض بقوله: «أرْحَمُ أُمَّتِي أبو بكرٍ، وأشَدُّها في دِينِ الله عُمَرُ، وَأَصْدَقُها حَياءً عُثمانُ، وَأَعْلَمُها بالحلالِ وَالحَرَامِ معاذُ بْنُ جَبَلٍ، وأقرَؤها لكتاب الله أُبيٌّ، وأعْلَمُها بالفَرَائِضِ زَيْدُ بنُ ثابتٍ، ولِكُلِّ أمَّةٍ أمينٌ، وأمينُ هٰذِهِ الأمَّةِ أبو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ» . رواه أحمد في مسنده
فذلك الصحابي الجليل رضي الله عنه ما كان ينهى عن فعل شيء إلا إذا كان فيه شبهة حرام أو حرام أصلاً وخصوصاً أنه في زمن يوجد في الكثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
2- عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ ٱللّهِ ، عَنْ عَبْدِ ٱللّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ سُئِلَ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الدَّيْنُ عَلَى الرَّجُلِ إلى أَجَلٍ، فَيَضَعُ عَنْهُ صَاحِبُ الْحَقِّ، وَيُعَجِّلُهُ الآخَرُ، فَكَرِهَ ذٰلِكَ عَبْدُ ٱللّهِ بْنُ عُمَرَ، وَنَهَى عَنْهُ.
فذلك الصحابي الجليل رضي الله عنه عبدالله بن عمر والذي يعتبر من فقهاء الأمة الإسلامية كان ينهى عن فعل ذلك فلو كان جائزاً لما نهى عنه وحاشى لله أن يحرم أصحاب محمد الصادقين أمراً أحله الله ورسوله.
3- حدَّثني مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ الرِّبَا فِي الْجَاهِليَّةِ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ الْحَقُّ إلَى أَجَلٍ، فَإذَا حَلَّ الأَجَلُ قَالَ: أَتَقْضِي أَمْ تُربِي، فِإنْ قَضَى أَخَذَ وَإلاَّ زَادَهُ فِي حَقِّهِ وَأَخَّرَ عَنْهُ فِي الأَجَلِ. قَالَ مَالِكٌ: وَالأَمْرُ الْمَكْرُوهُ الَّذِي لا ٱخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجِلِ الدَّيْنُ إلَى أَجَلٍ، فَيَضَعُ عَنْهُ الطَّالِبُ، وَيُعَجِّلُهُ الْمَطْلُوبُ، وَذٰلِكَ عِنْدَنَا بِمَنّزِلَةِ الَّذِي يُؤَخِّرُ دَيْنَهُ بَعْدَ مَحلِّهِ عَنْ غَرِيمِهِ، وَيَزِيدُهُ الْغَرِيمُ فِي حَقِّهِ. قَالَ: فِهٰذَا الرِّبَا بَعَيْنِهِ لا شَكَّ فِيهِ.
كان الإمام مالك رضي الله عنه مؤسس المدرسة الفقهية المالكية وهو فقيه المدينة المنورة رضي الله عنه يعتبر ذلك من الربا المحرم فزيادة المبلغ الذي حل أجله لقاء تأخيره هو ربا محرم ونقصان المبلغ الذي لم يحل أجل دفعه لقاء تعجيل دفعه هو أيضاً ربا بلا ريب والله أعلم.
ج- قال أحد الفقهاء :واحتج المانعون بالأثر والمعنى :
أما الآثار: فهي كثيرة منها الآثار السابقة بالإضافة إلى الأثر التالي : ففي سنن البيهقي عن المقداد بن الأسود قال : ( أسلفت رجلا مائة دينار فقلت له : عجل تسعين دينارا وأحط عشرة دنانير ) فقال : نعم ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أكلت ربا مقداد وأطعمته وفي سنده ضعف. وأما المعنى: فإنه إذا تعجل البعض وأسقط الباقي فقد باع الأجل بالقدر الذي أسقط وذلك عين الربا كما لو باع الأجل بالقدر الذي يزيده إذا حل عليه الدين ، فقال : زدني في الدين وأزيدك في المدة ، فأي فرق بين أن تقول حط من الأجل وأحط من الدين ، أو تقول : زد في الأجل وأزيد في الدين ... قالوا : فنقص الأجل في مقابلة نقص العوض كزيادته في مقابلة زيادته ، فكما أن هذا ربا فكذلك الآخر .
الراجح من المسألة السابقة والله أعلم هو القول الثاني والذي كان مضمونه ((ومضمونه تحريم الحيطية عن الدين المؤجل لقاء تعجيله واعتباره شكلاً من أشكال الربا المحرم )).
لقوة الأدلة وقبولها من الناحية النقلية (الصحة) ومن الناحية العقلية والله أعلم.
جواب المسألة الأولى: إن المشتري من الناحية الشرعية أصبح مستدين مبلغاً من المال وهو باقي ثمن السيارة والبائع أصبح مدين للمشتري ثمن السيارة وبناء عليه إنه حرام حرام أن يخفض البائع الثمن على المشتري في حال استعجاله في دفع الأقساط أو أن يزيد عليه في حال تأخره عن دفع الأقساط وهو الربا المحرم أشد التحريم وقد تقدم معنا أدلة تحريم هذه المسألة ((ضع وتعجل )) وهو قول الفريق الثاني .
وهذه الحالة شائعة جداً والعياذ بالله في بيوع القسيط في مدينة حلب ويسمونها بتسميات عديدة منها الصلحة فيقول فيذهب في مثل تلك الحالة المشتري لعند البائع ويقول جئت لأصالح على السيارة .
إذاً الغرامة التي تفرض على المشتري في حال التأخر هي الربا في عينها و كذلك تخفيض سعر السلعة المباعة تقسيطاً في حال سداد المبلغ قبل الفترة المتفق عليها كذلك هو عين ا لربا والله أعلم.
وقد سأل أحد العلماء الفقهاء الدكتور أحمد الحجي الكردي الخبير في الموسوعة الفقهية عن مثل هذا السؤال والذي هو:
السلام عليكم : شيخنا الفاضل :
لقد اشتريت سلعة من شخص بالتقسيط لمدة سنة بمئة ألف، ثم بعد فترة توفر المبلغ لدي، فقلت للبائع: هذه تسعين ألفا، وسامحني في الباقي، فوافق.
فهل ذلك جائز؟
لقد اشتريت سلعة من شخص بالتقسيط لمدة سنة بمئة ألف، ثم بعد فترة توفر المبلغ لدي، فقلت للبائع: هذه تسعين ألفا، وسامحني في الباقي، فوافق.
فهل ذلك جائز؟
وكان جواب الدكتور أحمد الحجي الكردي هو :
فإذا دفعت له هذا المبلغ من غير شرط أن ينزل لك من ثمن السلعة شيئا، ثم نزل لك بعض الثمن مختارا، فلا مانع من ذلك، ولو أنك شرطت عليه التنزيل عند الدفع إليه فوافق، فهو من الربا المحرم والله تعالى أعلم. (المصدر شبكة الفتاوى الشرعية الفتوى ذات الرقم 10252) انتهى.
- أدلة جواز البيع بالقسيط المحقق للشروط الشرعية فهي:
فالصحيح من قول أهل العلم هو جواز البيع بالتقسيط بثمن زائد على ثمن البيع الحال، وقد دل على ذلك عدة أدلة نذكر منها ما يلي:
1- عموم قوله تعالى )): يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ.((البقرة:281.
2- ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من أنه أمر عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن يجهز جيشا، فكان يشتري البعير بالبعيرين إلى أجل. رواه أحمد وأبو داود.
3- ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها: أن بريرة رضي الله عنها باعها أهلها بالتقسيط تسع سنوات، لكل سنة أربعون درهماً، فأقرّ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم. متفق عليه ، ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم منع أهل بريرة من الزيادة على ثمن البيع الحال لأجل التقسيط حتى يمكن أن يتمسك بذلك من ذهب إلى عدم جواز زيادة سعر البيع بالتقسيط على ثمن البيع الحال.
4- أن البيع بالتقسيط في نفس معنى معاملة بيع السَّلَم ،فإن البائع في السلم يبيع من ذمته حبوباً أو غيرها - مما يصح السلم فيه - بثمن حاضر أقل من الثمن الذي يباع به المسلَم فيه وقت السلم، لكون المسلَم فيه مؤجلاً، والثمن عجلاً، وهو جائز بالإجماع، وهو في نفس معنى البيع إلى أجل أو البيع بالتقسيط,فنقص الثمن في السلم لأجل تأخير تسليم السلعة مثل الزيادة في سعر السلعة مقابل تأخير تسليم الثمن.
فهذا كله يدل على جواز بيع التقسيط بالثمن الذي يتراضى به البائع والمشتري ولو كان أكثر من الثمن البيع الحال، (المصدر الشبكة الإسلامية رقم الفتوى 92988).
ثانياً- البيع بالتقسيط- الحرام شرعاً - الذي يتم فيه تأجيل دفع الأقساط للبائع شريطة أن يزيد المشتري الميلغ الواجب دفعه:
هذه الحالة يمكن تلخيصها بالجملة التالية: يقول المشتري للبائع أنظري – أخر لي دفع المبلغ- وسوف أزيدك أي سوف أعطيك مبلغاً زائداً عمّا اتفقنا عليه سابقاً قبل طلبي تأخير دفع المبلغ.
وهذا النوع من البيوع الربوية منتشر كثيراً بين التجار فمثلاً يشتري أحد التجار بضاعة من تاجر آخر وليكن بمبلغ مقداره / 100000/ وحدة نقدية ويتفق المشتري مع البائع على أن يدفع له المبلغ بعد 3 أشهر مثلاً .
وبعد أن ينعقد البيع ويحل أجل دفع المبلغ يقول المشتري للبائع أخّر لي دفع المبلغ إلى ثلاثة أشهر أخرى وسوف أدفع لك تعويضاً أو مبلغاً مقداره وليكن / 5000 / وحدة نقدية..!!
هذه الحالة هي عين الربا والمبلغ المزاد نتيجة تأخير أجل دفع المال هو ربا النسيئة المحرمة شرعاً فلا يجوز زيادة أي مبلغ من المال على المشتري ولو برضاه بسبب تأخير دفع الثمن.
وأحياناً بل وغالباً الكثير من المؤسسات المالية والتّجار اللذين يبيعون بالتقسيط يفرضون غرامة مالية على الشخص المتأّخر بدفع مايتوجب عليه من أقساط تحت تسميات عدة , أحياناً يسمونها غرامة وأحياناً رسم لقاء دفع الضرر وماشابه ذلك وأحياناً تحت اسم التعويض لقاء تفويت الفرصة الضائعة وماشابه ذلك وكل هذه التسميات هي أسماء بدعية للربا المحرم .
وقد يقول البعض أن الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام يقول ((لا ضرر ولا ضرار )) أخرجه احمد عن ابن عباس رضي الله عنه. فكيف لا يتم تعويض البائع المتضرر لقاء مماطلة المشتري في دفع الأقساط؟
الإجابة : لقد أجاب الدكتور سلمان بن صالح الدخيل بشكل مفصل عن هذه الحالة في بحثيه اللذين هما باسم التعويض عن الأضرار المترتبة على المماطلة في الديون (1-2) والتي أنصح طلبة العلم بقرائتها بشكل دقيق وهي متوفرة في موقع صيد الفوائد الإسلامية www.saaid.net اللذان جاء فيهما :
((شروط التعويض المالي للضرر:
نص العلماء على قاعدة هي من القواعد الكبرى في الشريعة، وهي أنّ الضرر يزال، وقد يكون زوال هذا الضرر بالتعويض المالي، إلا أن التعويض أخص من الضرر، فليس كل ضرر يعوض بالمال كي يزول، وقد ذكر الفقهاء شروطاً لاستحقاق الضرر للتعويض المالي، وهي ما يلي:
الشرط الأول: أن يكون الضرر في مال:
فلا ضمان على ما ليس مالاً كالكلب والميتة والدم المسفوح فاختلف الفقهاء في ضمان المنافع؟ بناء على خلافهم في مالية المنافع، فقال الجمهور: " هي مضمونة؛ لأنـها مال يمكن تقويمه وأخذ العوض عنه والمبادلة بينه وبين المال "، وخالف الحنفية فقالوا: بعدم مالية المنافع، والمال كل ما يمكن تملكه من أي شيء، والمنافع لا تملك ولا تدّخر.
نص العلماء على قاعدة هي من القواعد الكبرى في الشريعة، وهي أنّ الضرر يزال، وقد يكون زوال هذا الضرر بالتعويض المالي، إلا أن التعويض أخص من الضرر، فليس كل ضرر يعوض بالمال كي يزول، وقد ذكر الفقهاء شروطاً لاستحقاق الضرر للتعويض المالي، وهي ما يلي:
الشرط الأول: أن يكون الضرر في مال:
فلا ضمان على ما ليس مالاً كالكلب والميتة والدم المسفوح فاختلف الفقهاء في ضمان المنافع؟ بناء على خلافهم في مالية المنافع، فقال الجمهور: " هي مضمونة؛ لأنـها مال يمكن تقويمه وأخذ العوض عنه والمبادلة بينه وبين المال "، وخالف الحنفية فقالوا: بعدم مالية المنافع، والمال كل ما يمكن تملكه من أي شيء، والمنافع لا تملك ولا تدّخر.
الشرط الثاني : أن يكون المال مملوكاً للمتلف عليه :
وهذا يشمل المباح، فلا يجب الضمان بإتلاف الخمر والخنزير على المسلم؛ لسقوط تقوم الخمر والخنزير على حق المسلم.
وهذا يشمل المباح، فلا يجب الضمان بإتلاف الخمر والخنزير على المسلم؛ لسقوط تقوم الخمر والخنزير على حق المسلم.
الشرط الثالث: أن يكون في إيجاب التعويض فائدة:
بمعنى إمكان الوصول إلى الحق ودفع الضرر حتى لا يكون إيجاب التعويض عبثاً؛ لعدم القدرة على الوصول إلى الحق.
الشرط الرابع: أن يكون المتلف من أهل الضمان:
وذلك بأن يكون له أهلية وجوب والتي هي: هي صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق له وعليه معاً أو له أو عليه، ومبنى ذلك وجود ذمة صالحة، وأهلية الوجوب تثبت لكل إنسان بدون قيد ولا شرط .
الشرط الخامس: أن يكون الضرر محقق الوقوع بصفة دائمة :
فلا يضمن بمجرد الفعل الضار دون حصول الضرر واستمراره، كمن حفر حفرةً في طريق، فسقط فيها إنسان، فلم يصب بشيء، أو قلع سناً فنبتت أخرى مكانـها، وكذا لا يضمن الضرر المحتمل وقوعه، أو ضرر تفويت الفرصة، أو الضرر المعنوي)).
بمعنى إمكان الوصول إلى الحق ودفع الضرر حتى لا يكون إيجاب التعويض عبثاً؛ لعدم القدرة على الوصول إلى الحق.
الشرط الرابع: أن يكون المتلف من أهل الضمان:
وذلك بأن يكون له أهلية وجوب والتي هي: هي صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق له وعليه معاً أو له أو عليه، ومبنى ذلك وجود ذمة صالحة، وأهلية الوجوب تثبت لكل إنسان بدون قيد ولا شرط .
الشرط الخامس: أن يكون الضرر محقق الوقوع بصفة دائمة :
فلا يضمن بمجرد الفعل الضار دون حصول الضرر واستمراره، كمن حفر حفرةً في طريق، فسقط فيها إنسان، فلم يصب بشيء، أو قلع سناً فنبتت أخرى مكانـها، وكذا لا يضمن الضرر المحتمل وقوعه، أو ضرر تفويت الفرصة، أو الضرر المعنوي)).
ثانياً- القاعدة الثانية في البيوع المحرمة : كل بيع لشيء حرام فهو حرام:
فمثلاً من يبيع الخمر والمسكرات هذه المواد محرمة على المسلم لذلك فبيعها يعتبر حرام وهنا تجدر الإشارة إلى مايلي: قد يكون هناك مواد وسلع مباحة للبيع والشراء في أصلها ولكن قد يتحول بيعها إلى حرام في العديد من الحالات منها:
- بيع شيء حلال في أصله ولكن سوف يستخدم الشيء المباع في معصية الله عز وجل :
فمثلاً :إذا باع المزارع العنب لصاحب حانة أو معمل لإنتاج الخمر هذا البيع حرام لأنه الله تعالى يقول ((....تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب)) المائدة2 . فالله عز وجل ينهى المسلمين على التعاون على الآثام والمعاصي لأن القاعدة الشرعية تقول ( كل شيء فيه حرام فجميع السبل المؤدية إليه حرام).
مع العلم أن بيع العنب في أصله جائز شرعاً ولكن قد يتحول إلى حرام عند وجود سبب - علّة - تؤدي إلى التحريم.
مثال آخر:إذا باع شخص ما منزلاً إلى شخص ما هذا البيع في أصله جائز إذا استوفى شروطه ولكن يتحول هذا البيع إلى بيع حرام وذلك إذا علم البائع أن المشتري سوف يستخدم هذا المنزل في أمور لا ترضي الله عز وجل كأن يستخدمه مركزاً للممارسات الجنسية المشبوهة ...
وقد يسأل البعض هل البائع مطالب بالتحرّي عن سيرة وهدف كل مشتري يأتي إليه لشراء شيء ما ؟
الإجابة :لقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه بأخذ بظواهر الأشخاص وترك الباطن لأنّ خفايا النفس والباطن لا يعلمها إلا الله بقوله ((.. إني لم أُومَرْ أن أنقُبَ قلوبَ الناس ولا أشقَّ بُطونَهم...)) رواه بخاري. و معناه أني أمرت بالحكم بالظاهر والله يتولى السرائر.
ولكن إذا أراد البائع التحري عن نية المشتري لشراء شيء ما فلا بأس في ذلك ويدخل في باب الورع.
ثالثاً- القاعدة الثالثة في البيوع المحرمة :كل بيع لم فيه شيء من الميسر فهوحرام :
يقول الله تعالى في محكم تنزيله ((يا أيها الذين آمنوا إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلّكم تفلحون)) المائدة 90.
فالميسر أو القمار حرام شرعاً وكل بيع تم عن طريق الميسر أو فيه الميسر فهو بيع محرم بإجماع العلماء .
مسألة (2) مثال عن البيع الذي فيه ميسر :
تقوم العديد من الشركات التجارية ببيع سلع ما وعندما يشتري المشتري السلعة فإنه قد يربح جائزة أو لا يربح وذلك عن طريق إجراء بعض السحوبات كأن يشتري الرجل سيارة وعند شراءه يحصل على بطاقة ذات رقم معين ويجري كل ستة أشهر قرعة ووفقاً لنتيجة القرعة قد يربح ذلك الرجل جائزة ما .
والسؤال هل ذلك البيع جائز وهل الجائزة على فرض ربحها المشتري حلال أم أنّها تدخل تحت اسم الميسر المنهي عنه؟
الجواب:
إذا كان المشتري يشتري السلعة بثمن أكبر من ثمنها الحقيقي المتعارف عليه في السوق – وهو يعلم ذلك - ويكون سبب الزيادة في السعر هو تحقيق فائض مالي يغطي تكاليف الجوائز فهذا البيع باطل وبيع حرام لاشتماله على الميسر وإن اختلف اسمه ولتوضيح ذلك نوضح الإجابة السابقة بالأرقام :
التاجر يبيع السلعة بـسعر 1000 وحدة نقدية للمشتري الذي لا يرغب بدخول المسابقة أي عندما يشتري المشتري السلعة فإنه لا يحصل على البطاقة التي تخوله دخول القرعة, بينما يبيع ذلك التاجر نفس السلعة وفي نفس المكان والزمان وحتى لنفس المشتري بـ 1100 وحدة نقدية و في هذه الحالة يحق للمشتري امتلاك بطاقة تمكنه من الدخول إلى المسابقة و من المحتمل أن يحصل على جائزة ومن خلال السعريين اللذان يعودان لنفس السلعة , فنلاحظ أنّ هناك زيادة في السعر مقدارها 100 وحدة نقدية أي وكأنها ثمن البطاقة التي تمكّن المشتري من دخول المسابقة فالمشتري إذاً, إما أن يخسر 100 وحدة نقدية أو أن يربح جائزة أكبر من ذلك وهذا هو عين الميسر والميسر بعينه المنهي عنه رغم أنف كل من غيّر اسمه وهو حرام حرام والبيع فاسد وباطل والجائزة حرام وهي ميسر صرف والله تعالى أعلم.
مسألة (3) عن البيع الذي يتوهّم أن فيه ميسر أو أي شبهة :
قام أحد الأشخاص بشراء سيارة من إحدى الوكالات بسعر 10000 وحدة نقدية نقداً وبعد شرائه تلك السيارة بشهرين اتّصلت به الشركة المصنّعة للسيارة لتبلغه بأنّه قد ربح جائزة مقدارها 1000 وحدة نقدية.
والسؤال هل ذلك البيع جائز وهل الجائزة التي ربحها المشتري حلال أم أنّها تدخل تحت اسم الميسر المنهي عنه؟
الجواب:
- إذا لم يتّفق البائع والمشتري على أنّ شرائه للسيارة بثمن أعلى من قيمتها ولو بوحدة نقدية يخوّله الدخول إلى تلك المسابقة فالبيع إن شاء الله جائز إذا استوفا شروطه من حيث عدم الكتمان من المشتري وتحقق الخيار والتقابض وماشابه ذلك .
- أما بالنسبة للجائزة التي ربحها المشتري :فما دام لم يحصل اتفاق بيع البائع والمشتري على دخول المشتري للمسابقة كشرط لشراء المشتري للسيارة ولم يدفع أي مبلغ إضافي مهما قل لقاء ربحه الجائزة فالجائزة إن شاء الله حلال وتدخل في بند الهبات والهدايا الجائزة شرعاً والله تعالى أعلم.
رابعاً- القاعدة الرابعة في البيوع المحرمة : كل بيع فيه جهل في مواصفات الشيء المراد شرائه فهو بيع باطل:
فمن صفات الشيء المباع أو المعقود عليه هو أن يكون معلوم المواصفات لكي لا يحدث أي غبن للمشتري لأنّ أساس العقود الوضوح والقبول بعد معرفة المواصفات فلايصح مثلاً البيع التالي :كأن يقول البائع للمشتري سأبيعك سيارة بمئة ألف وحدة نقدية ولم يذكر البائع للمشتري أي شيء عن المواصفات ولم يتفقا عليها .
ويعتبر بيع الغرر أحد أشكال بيع الشيء مجهول المواصفات كبيع حبل الحبلى من الدواب حرام وبيع السمك في الماء بشكل لايمكن معرلافة كميته أو لا يضمن تحصيله فهو حرام أيضاَ فعن ابن عمر رضي الله عنهما يقول «أنَّ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم نَهىٰ عن بَيعِ حَبَلِ الحَبَلةِ، وكان بَيعاً يَتبَايَعُهُ أهلُ الجاهلية: كان الرجُلُ يَبتاعُ الجَزورَ إلى أن تُنْتَجَ الناقةُ، ثمَّ تُنْتَجُ التي في بَطنِها» رواه بخاري.
وكذلك يقول أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ((نَهَى رسولُ الله عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ ..)) رواه الترمذي.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: ومن بيع الغرر بيع السمك في الماء وبيع العبد الآبق وبيع الطير في السماء ونحو ذلك .
خامساً- القاعدة الخامسة في البيوع المحرمة : كل بيع يحدث في وقت النداء الثاني لصلاة الجمعة – أي حين يجلس الخطيب ويبدأ المؤذن بالنداء- فهو حرام:
يقول الله تعالى ((يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون)) الجمعة 9.
والمقصود بـ ((..نودي للصلاة..)) هو النداء الثاني الذي كان يفعل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يجلس على المنبر وعند بداية المؤذن بهذا النداء يحرم البيع والشراء واتفق العلماء على ذلك فيقول ابن عباس بلفظ ” لا يصلح البيع يوم الجمعة حين ينادي للصلاة، فإذا قضيت الصلاة فاشتر وبع ” ورواه ابن مردويه. وإلى القول بالتحريم ذهب الجمهور، وابتداؤه عندهم من حين الأذان بين يدي الإمام لأنه الذي كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
ولكنّ العلماء اختلفوا في مدى صحة أو بطلان العقد الذي يحدث في ذلك الوقت وظاهر الآية برأي الإمام الحافظ ابن كثير يفيد التحريم وعدم وقوع البيع والشراء والله تعالى أعلم.
سادساً- القاعدة السادسة في البيوع المحرمة : بيع الإنسان ما لا يملك- غير مضمون عنده وغير موصوف عنده- بيع حرام وغير جائز وغير واقع:
فقد ورد النهي عن بيع الإنسان مالا يملك على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهيه لحكيم بن حزام رضي الله عنه فيقول حكيم بن حزام ((نَهانِي رسُولُ الله أنْ أبِيعَ ما لَيْسَ عِنْدِي)) رواه الشافعي في الرسالة والترمذي وغيرهم بسند صحيح .
فظاهر الحديث يفيد تحريم بيع الإنسان لما لا يملك حال العقد ولكن بالمقابل يقول ابن العباس رضي الله عنه
(( قدم رسول الله المدينة وهم يسلفون في التمر سنة والسنتين , فقال رسول الله : من سلف فليسلف في كيل معلوم و وزن معلوم و أجل معلوم)) رواه أحمد في مسنده.
يعلق الإمام الشافعي - مجدد القرن الثالث الهجري - رضي الله عنه عن هذين الحديثين تعليقاً رائعاً ويربط بينهما ربطاً جميلاً في كتابه الرسالة -الذي أنصح طلبة العلم بقرائته لما فيه من فوائد عظيمة ولعلل الله يوفقني في كتابة محاضرة حول هذا الكتاب-:
- فيقول الإمام الشافعي (( فكان نهي النبي صلى الله عليه وسلم (( أن يبيع المرء ما ليس عنده )) يحتمل أن يبيع المشتري ما ليس بحضرته المشتري كما يراه البائع عند تبايعهما فيه, فلا يكون موصوفاً مضموناً على البائع يؤخذ به, ولا في ملكه -: فيلزم أن يسلمه إليه بعينه .
- فلما أمر رسول الله من سلف أن يسلف في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم أو إلى أجل معلوم دخل هذا بيع ما ليس عند المرء حاضراً ولا مملوكاً حين باعه .
- ولما كان هذا مضموناً على البائع بصفة يؤخذ بها عند محل الأجل : دل على أنه إنما نهى عن بيع الشيء ليس في ملك البائع والله أعلم.
- و قد يحتمل أن يكون النهي عن بيع العين الغائبة , كانت في ملك الرجل أو في غير ملكه , لأنها قد تهلك وتنقص قبل أن يراها المشتري.
- فكل كلام كان عاماً ظاهراً في سنة رسول الله فهو على ظهوره وعمومه حتى يعلم حديث ثابت عن رسول الله ( بأبي هو و أمي) يدل على أنه إنما أريد بالجملة العامة في الظاهر بعض الجملة دون بعض كما وصفت من هذا وما كان في مثل معناه)) انتهى .
سابعاً- القاعدة السابعة في البيوع المحرمة : كل بيع لا يبين فيه البائع عيوب الشيء الذي يبيعه هو بيع حرام وفيه غش وتدليس :
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «البَيِّعانِ بالخِيارِ مالم يتفرَّقا ـ أو قال: حتَّى يتفرَّقا ـ فإن صَدَقا وبَيَّنا بورك لهما في بَيعِهما، وإن كَتَما وكذَبا مُحِقَتْ بركةُ بَيعهما». رواه بخاري , فالواجب في عقود البيع عدم الكتمان وخصوصاً في جانب البائع فيجب على البائع إظهار كافة العيوب في الشيء المباع وإن كتمانه وعدم تبيانه للعيوب سوف يجعل بيعه باطلاً ومحرماً والحديث السابق واضح بهذا الخصوص.
ويقوم بعض المتلاعبين على الشرع الكاذبين على أنفسهم وعلى الناس أحياناً بإتباع أسلوب التدليس للهروب من التبين ومثال ذلك ما يقوم بعض أصحاب محلات بيع السيارات المستعملة عندما تذهب لعنده لشراء سيارة فيقول لك: أنا لا أبيعك سيارة تعمل وإنما أبيعك قطعة من الحديد عاينها وتفحّصها قبل أن تأخذها وبعد أن تأخذها لست مسؤولاً عن أي خلل فيها لأنني بعتك حديد ولم أبيعك سيارة !!!
هذا البائع المخادع يظنّ أنّه بهذه الخدعة أنّه سوف ينجو من حكم الله ورسوله عليه الصلاة وأن بيعه في هذه الحالة جائز!؟... ولكن الحقيقة أن هذا البيع بيع فيه غرر وتدليس وغش وهو حرام باتفاق العلماء فيجب على البائع أن يبيّن عيب السيارة قبل بيعها وإلا فبيعه باطل وربحه حرام ويحق للمشتري أن يرد الشيء المشترى بعد اتضاح العيب فيه ويكفي ذلك البائع الفاسق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ((مَنْ غشَّنا، فَلَيسَ مِنَّا، والمَكْرُ والخِدَاعُ في النَّارِ)) رواه ابن حبان في صحيحه.
هذه لمحة موجزة عن بعض القواعد المبسطة التي تساعد في معرفة أنواع البيوع المحرمة ومن أراد التوسّع في أركان عقود البيع والشراء فالكتب والمراجع كثيرة ومتوفرة في هذا المجال وأنصح نفسي وأخوتي ممن يريدون التوسع بذلك البدء بالصفحات الصفراء أي بكتب العلماء والفقهاء والأئمة في القرون الهجرية الأولى أرشح الكتب التالية:
1- كتاب البيوع في الموطأ للإمام مالك رضي الله عنه.
2- كتاب البيوع في كتاب فتح الباري للإمام ابن حجر العسقلاني والذي هو شرح لكتاب البيوع الموجود في صحيح بخاري.
بالإضافة شروحات كتب الحديث كشرح النووي لصحيح مسلم وكتاب عون المعبود لشرح كتاب سنن أبي داوود ...... والله الموفق وه على كل شي قدر.
كلماتك يكتب بماء من ذهب لأنها في قمة الروعة
ردحذفمن هو عبد القادر الجيلاني